مع الراعي
سنة الكهنوت
تحية الى منظمي مخيم الشبيبة في دار مار بولس في قره قوش (26-29 آب المنصرم) لفكرة تسمية كراديسهم باسم كهنة قدماء خدموا بلدتهم، وقد استلهموا الفكرة من سنة الكاهن التي أعلنها البابا بندكتس السادس عشر بمناسبة مرور 150 سنة على وفاة القديس خوري آرس شفيع الكهنة. فلقد كان مبعث استذكار واعتراف بالجميل أن نقرأ مع اسم خوري آرس اسم القس بهنام الخزيمي الشهيد الى جانب اسم القس منصور دديزا، واسم الخوري أفرام عبدال الى جانب اسم المطران جرجس دلال.. وغيرهم آخرين… وكنت أتمنى أن تتسع كراديس الشباب لتحمل أسماء المطران الشهيد فرج رحو، والأب الشهيد رغيد كني، والأب الشهيد بولس اسكندر، والأب نعمان أوريدة..و..و..
أسماء كهنة خدموا الكنيسة وأعطوا بسخاء وفرح ومن دون حساب لشعبهم حتى آخر قطرة من جباهمم ومن دمائهم.
عمّدوا.. وكللوا.. ووعظوا.. وزاروا..وعلّموا..وصالحوا.. وباركوا.. وقرأوا المزامير على المرضى والمدنفين.. وكتبوا.. ونشروا..ودافعوا عن المظلوم وعن الحق.. ومنحوا الفقير باليمين ما لم تعلم به الشمال..وبكوا مع الباكين وفرحوا مع الفرحين… وما أجمل ما يصف به الكهنة كتاب الشحيم، الحاوي صلاة الكنيسة الطقسية الأسبوعية: الأرجل التي وطئت بيت المقدس…إخوتنا الذين كانوا كنّارات وترانيم مجد رتلوا لك يا رب…
سنة الكهنوت التي اعلنها قداسة البابا (19 حزيران 2009- 19 حزيران 2010) ستكون فرصة للتأمل بصورة أعمق في ثراء الدعوة الكهنوتية وإمدادها بطاقة روحية وراعوية إضافية، ولخلق مبادرات جديدة في الكنيسة الجامعة، وفي أبرشياتنا بالذات، للتعريف بحياة الكاهن ورسالته ولتشجيع الدعوات الكهنوتية ورعايتها، ولمرافقة كهنتنا العاملين في الرعايا والأنشطة الكنسية بالصلاة والأهتمام، وبتقييم جهودهم الحثيثة في خدمة شعب الله، هم الذين كرسوا حياتهم وشبابهم وكيانهم كله وطاقاتهم لهذه الخدمة، ويضعون كل مؤهلاتهم ومواهبهم وكفاءاتهم تحت تصرف الكنيسة للأضطلاع برسالتها التبشيرية والنبوية.
في صلاة التبشير في ساحة القديس بطرس بروما، غداة الإعلان عن سنة الكاهن، وعشية عيد القديس يوحنا فياناي خوري آرس (4 آب)، أشار البابا الى الرسالة التي وجهها الى كهنة الكنيسة الجامعة بمناسبة سنتهم موضحا أهداف إعلانه سنة الكاهن بقوله: “هدف السنة الكهنوتية أن تساهم في تشجيع الألتزام بالتجدد الباطني لدى جميع الكهنة، لتكون شهادتهم الإنجيلية أكثر قوة وفاعلية في عالم اليوم…فعلى الكاهن أن يكون بكامله خاصة المسيح وخاصة الكنيسة التي دعي الى الإخلاص لها بحب لا يعرف القسمة، وبأمانة كأمانة الزوج لزوجته”.
وتأتي مبادرة “مؤتمر الكهنة” الذي اقرّه سينودسنا السرياني في حزيران المنصرم، وتجتمع لجنته التحضيرية في أواخر أيلول الجاري، في خط المبادرات المبتكرة والجريئة لتفعيل أهداف سنة الكاهن، وتعميق روحانية كهنتنا وتجديد أساليب الرسالة الراعوية في خورناتنا. لا شك أن المؤتمر سيتطرق الى طبيعة العلاقة بين الكاهن ومطران أبرشيته من الناحية الإدارية، ولكن الأهم سيكون في استخلاص العبر من واقع ارتباطهما في الرسالة الواحدة، واشتراكهما في الكهنوت الخدمي الواحد، والقناعة المتبادلة من أن الكهنة هم أجنحة الأسقف وشركاؤه في المشروع الكنسي ذاته. لا شك أن المؤتمر سيتطرق الى حياة الكهنة المادية وشؤون السكن والطعام، ولكن الأهم سيكون الحديث عن جوانب الحياة المشتركة والصداقة بين الكهنة، وتبادل الخبرات الراعوية والروحية بينهم. لا شك أن المؤتمر سيتحدث عن رتابة خدمة الأسرار، ووجع الرأس الناجم عن متابعة مشاكل الناس، ولكن الأهم سيكون في بحث جاد ودراسة مشتركة لكيفية تنشيط مشاركة المؤمنين في الأحتفالات الطقسية والأوخارستية، لبعث الروح والحيوية الجماعية فيها، وفي استنباط طرائق مبتكرة لإيصال كلمة الله الى الأسرة المسيحية في عقر دارها، وإثارة الأهتمام والحس الكنسي لدى الشباب والشرائح الأجتماعية المنسية الأخرى. وقد يتوقف المؤتمر مبهوتا بتقنيات الأتصال الحديثة وتحدياتها للكاهن المعاصر، أو متأرجحا أمام الإغراءات التي تدغدغ غرور الكاهن في الزعامة الأجتماعية والأستزلام: ليتذكر اذذاك مرة أخرى ما قاله بابا روما: “الله هو الغنى الوحيد، في النهاية، الذي يريد الناس أن يروه في الكاهن”.
+ باسيليوس جرجس القس موسى
رئيس اساقفة الموصل وتوابعها للسريان الكاثوليك