افتتاحية نشرة ارسالية الروح القدس للسريان الكاثوليك
في ملبورن – استراليا
2
طلب اليّ الشماس فريد، المسؤول عن اللجنة الثقافية التي تعنى بنشرة الأرسالية، أن اكتب كلمة بمناسبة مرور عامين على ارسالية الروح القدس للسريان الكاثوليك في ملبورن، على ضوء معرفتي لها ولأبنائها وزياراتي المتكررة لها وخدمتي الأخيرة “ككاهن رعية” لها في غياب الأب فاضل. وكم اسعدني أن تتزامن خدمتي الأخيرة مع زيارة غبطية ابينا البطريرك مار لويس روفائيل الاول ساكو الى ملبورن، وتشريفه ارساليتنا باستقباله الوفد السرياني بكل حفاوة ولطف وطيبة. ولم أجد عنوانا لهذه الكلمة افضل من الرقم 2 الدال على المناسبة.
أولا: أهنىء بنات وأبناء الارسالية في عموم ملبورن، بدءا بكاهن الأرسالية الأب فاضل القس اسحق، وشمامستها، وجوقتها، ولجانها، وكل العاملين والعاملات على انعاشها، الظاهرين والمستترين… بهذه المناسبة المباركة. الى سنين عديدة!
وما أتوق اليه وأتمناه للأرسالية وما يختلج في صدري تجاهها بعد عامين من عمرها هو الآتي:
اولا: سنتان من العمر لا تزالان في حسابات الطفولة، وللطفولة عذوبتها وروعتها الى جانب ضعف خطواتها الأولى. قد تتعثر، قد تبطىء في السير، وقد تقوم بحركات من الروعة ما ينتشل الأعجاب والتصفيق. ولكن كل مقارنة ناقصة اذا أهملنا بعض عناصرها المكونة. ارسالية الروح القدس لم تبن من الصفر. فلقد كان مع عدد من ابنائها وبناتها خزين من الطاقات والخبرات جلبوها في قلوبهم من خورناتهم في الوطن الأم. ولجميع المنتمين اليها كان ايمان وحماس وحسن استعداد يعمّر القلوب. وبفضل هذا الخزين من الايمان والخبرات تكونت الأرسالية كجماعة المؤمنين في الأحتفال الأوخارستي الأحدي، وتشكلت لجان الكنيسة وجوقتها وشمامستها والتفوا حول كاهنها الآتي بخبراته وحماسه، هو الآخر، وبنوا سوية الارسالية.
ثانيا: ما تحقق رائع، ولكنه ليس كاملا؛ ما أنجز واعد، ولكنه غير خال من الشوائب؛ الكنيسة مليئة بالمؤمنين، ولكن ثمة مقاعد فارغة؛ في قلب الراعي رغبات راعوية كثيرة، وقد يكون فيه تردد أو ضعف رؤيا ايضا، ككل كائن بشري؛ وفي قلوب المؤمنين أمنيات واقتراحات، وقد لا تكون كلها عملية أو صائبة، ككل أمنيات واقتراحات. ولكنها كلها تصبح طاقة خلاقة عندما تتلاقى وتتناقش في المحبة والأحترام وتخضع للدراسة والتحليل، ضمن اللجان، أو بين ذوي الشأن والمرشد، ومن ثم يأتي قرار القبول أو الرفض، بحسب نظام الأولويات والممكنات والجداول الزمنية. ما ليس صحيا ولا يساعد على النجاح، هو تعنت يصم الأذن للآخر من هنا، واصرار يشبه العناد من هناك؛ نقد مؤدب وحضاري من هنا، وحذر يرى في النقد تهجما من هناك. اقتراحات سخية وواسعة ككل الطموحات من هنا، وغلق نوافذ قد يكون نصفها أو ربعها أو جزيء صغير منها مفتوحا، من هناك، مما يسبب الأحباط. اذن: السماع المتبادل، الحوار، مناقشة الحدث في ايجابياته ونواقصه، عدم صدّ الآخر وكأنه لا يشكل قيمة أو يمثل رأيا… وعدم انتظار المعجزات والمنجزات من غير الروح القدس شفيع ومرشد الأرسالية.
ثالثا: في الأرسالية طاقات وخبرات ثقافية وراعوية وكنسية، في التعليم المسيحي والكتاب المقدس وتربية الناشئة، وفيها رجال ونساء ذوو كفاءات في المجالات الهندسية وشؤون المحاسبة والإدارة والأعمال وابداعات الكمبيوتر وحتى الكتابة والترجمة، ولكثيرين منهم استعداد للخدمة ووضع جزء من اوقاتهم تحت تصرف الكنيسة لتطوير امكانياتها. أجذب انتباه راعي الكنيسة الى ذلك، وهو ليس بخاف عليه ولا هو يجهله، وانتباه اللجان المختصة، أن يستفيدوا من هذه الطاقات، سيما وقد علمت من الأب فاضل بعد عودته من عطلته في الوطن أنه ناو ان يطلق دروسا في الكتاب المقدس ( بايبل ستدي)، ودروسا في التعليم المسيحي للصغار، وسهرات أنجيلية في العوائل، وأن يهتم بتهيئة شيء لشريحة الشباب. برنامج ليس لي سوى أن أؤيده فيه وأشجعه لينادي ذوي الكفاءات والخبرات والأستعداد الى حقول العمل.
رابعا: أمنيتي، من خلال ما قلته تنويها أعلاه، والزبدة كلها بين السطور، أن تتوصل ارسالية الروح القدس، شيئا فشيئا، وخطوة فخطوة، ولكن بعزم وعمق روحي وليتورجي، فتكون خورنة حقيقية ومرجعا روحيا وكنسيا لأبناء وبنات الجالية، حيث يحتفلون سوية ويعلنون ايمانهم، ويعيشون انتماءهم الكنسي، ويلتقون ببعضهم كأعضاء عائلة واحدة متحابة، في الأفراح والأشواق.
خامسا: لكم مشروع كبير أمامكم، وهو شراء كنيسة أو أرض لكنيسة، وهذا يتطلب أن تباشروا وتدرسوا معا وبجدية الطرق العملية والقانونية الكفيلة بوضع الية لتوفير المال اللازم والقدرة على التحرك. الخطوة الأولى هي الأتكال على الله وبركته، ثم يأتي العزم والأيمان بالمشروع، فسخاء المتبرعين في الأشتراكات والمناسبات والفعاليات المختلفة. عندما ستكون لكم كنيستكم الخاصة، ستكونون في بيتكم، وتتحكمون بأوقات تجمعاتكم ونشاطاتكم واحتفالاتكم الطقسية ومناسباتكم الأجتماعية والعائلية، وتشعرون بالأستقلالية.
سادسا: أخيرا أحيي واشكر وأعتز بكل الذين خدموا الكنيسة والأحتفالات وواكبوني في فترة خدمتي “ككاهن رعية” اثناء غياب الكاهن الأصيل، لمدة 40 يوما، من الشمامسة الذين زينوا الأحتفالات الليتورجية بخدمتهم ومواظبتهم على الشهر المريمي، ولجنة الخدمة التي اهتمت في تنظيم وتنسيق الجلوس والتطواف والفعاليات وتوزيع القراءات والأدوار ومواكبة الأمهات والأطفال ونظافة الكنيسة، والجوقة التي هي العنصر الأكثر فعالية في تنشيط الاحتفال الأوخارستي ومساعدة المؤمنين على الصلاة والخشوع، والجنود المجهولين الاخرين العاملين بصمت في تحضير البوربوينت والترجمات، وأطفال الخدمة في قداس الأحد.. ومن اهتم في ايصالي من والى الكنيسة، والمؤمنين الذين نوّروا الكنيسة كل أحد، أو الذين استضافوا السهرات الأنجيلية في بيوتهم، مع اعتذاري لمن لم استطع تلبية رغبتهم لقصر الوقت. للجميع ولكاهن ارساليتكم، الأب فاضل، شكري وتحياتي ومحبتي مع أدعيتي وصلاتي.
+ باسيليوس جرجس القس موسى
المعاون البطريركي
دير الشرفة في 10 حزيران 2013
وهي الذكرى الحادية والخمسين لرسامتي الكهنوتية
حياتي هي المسيح