العراق الحالي كما يراه رئيس أساقفة الموصل2010

العراق الحالي كما يراه رئيس أساقفة الموصل الذي اختطف سنة 2005

(الجزء الأول والثاني)

المقابلة التي أجراها معه البرنامج التلفزيوني “حيث يبكي الله”

Geris_kasmosa_2 

روما، الأربعاء 15 سبتمبر 2010 (Zenit.org

أحصي رئيس أساقفة الموصل مع ضحايا العنف في العراق. فهو بعد أن اختطف على أيدي مجهولين تلقى تهديدات بالموت قبل أن يتم الإفراج عنه. عن سؤال خاطفيه عن المبالغ المالية التي يملكها، أجاب رئيس الأساقفة لكنه أضاف قائلاً أنه إذا تعرض للقتل، سينبغي عليهم أن يوزعوا الأموال على الفقراء بالنيابة عنه.

المونسنيور باسيل جرجس القس موسى البالغ من العمر 71 عاماً هو رئيس أساقفة الموصل للكاثوليك السريان. عندما يتحدث عن أرضه الأم، تشع ابتسامة على وجهه لأنه يحافظ على الرجاء في البشرية حسبما يعترف

الجزء الأول/

في هذه المقابلة التي أجراها معه البرنامج التلفزيوني “حيث يبكي الله”، يتحدث الأسقف عن إلحاحية السلام لبلاده التي تقع ضحية الصراعات والاضطرابات. 

س: هل تتمنون رحيل الجنود الأميركيين في أقرب وقت ممكن؟

المونسنيور القس موسى: لقد بدأتم بالسؤال الجيد. أجل، بالتأكيد، كل جندي يتمنى عادة العودة إلى دياره. هذا ما نحتاج إليه ونرجوه، هذا هو السلام لبلادنا. أفكر أنه من الجيد البحث في طرق العودة في سبيل بناء السلام والطمأنينة والوئام بين شعبين هما الشعب العراقي وشعب الولايات المتحدة.  

س: هل يُعاقب المسيحيون في العراق بفعل حضور الجنود الأميركيين؟

المونسنيور القس موسى: لا أحب هذه العبارة. الشعب العراقي أجمع هو الذي يعاقب بفعل حضور جيش أجنبي. والمسيحيون الذين يشكلون أقلية هنا يعتبرون أنهم أكثر تضرراً من الآخرين، لكن الواقع هو أن الكل يعاني من ظروف الحرب.  

س: الحياة في العراق خطيرة جداً، وهي كذلك أيضاً في المنطقة التي تعيشون فيها. وإن لم أكن مخطئة، تعرضتم أنتم للخطف سنة 2005. هل يمكنكم أن تقولوا لنا من اختطفكم ولماذا؟

المونسنيور القس موسى: لا أعرف من اختطفني، وإنما أعلم أنني تعرضت للخطف. إنني أجهل حتى الآن إن كانوا أصوليين أو أعضاء في حزب سياسي أو غيرهم. لقد أمضيت 20 ساعة معهم. ويمكن القول بأنهم عاملوني جيداً. كنت هادئاً معهم، أتكلم وأجيب عن أسئلتهم.  

س: ما الأسئلة التي طرحوها عليكم؟

المونسنيور القس موسى: سألوني مثلاً لماذا نقول أن المسيح هو ابن الله، ولماذا نحن الكهنة لا نتزوج، وسألوني عن معنى الزواج المسيحي وغيره.  

س: هل اختطفوكم ظناً منهم بأنكم جاسوس أميركي، لماذا قاموا بذلك؟

المونسنيور القس موسى: كلا، لا شيء من هذا القبيل. لم يوجهوا إلي أي اتهامات. أحياناً، يستخدمون هذه الذريعة، لكن هذا ليس صحيحاً، ولم يتهموني بذلك. هم يتذرعون دوماً بعلاقة مع قوات الاحتلال.  

س: هل يمكنكم أن تسردوا لنا الحادثة؟ كيف اختطفتم؟ هل كنتم في الشارع أو في الكنيسة؟

المونسنيور القس موسى: كنت أزور إحدى العائلات، وبعد هذه الزيارة، باركت المنزل الجديد. قام شباب بقطع شجرة لسد الطريق، ووضعوني في صندوق سيارتهم.  

س: هل خفتم على حياتكم؟

المونسنيور القس موسى: عندما كنت في صندوق السيارة، صليت إلى الله لكي يمنحني نعمة الحفاظ على الهدوء والرجاء حتى النهاية، ولكي تتم مشيئته. كما طلبت منه أن يعطيني نعمة الحفاظ على رباطة جأشي فلا أقول شيئاً يكون مجحفاً بحقي. بقيت هادئاً عندما سألني أحد الخاطفين عن المبالغ المالية التي كنت أملكها. فأطلعته على المبلغ الذي كنت أملكه، وقلت له أنني كتبته على مفكرتي، وأن المال كان مخصصاً للفقراء. فقال لي: “سنقتلك”. فأجبته: “إذاً، ينبغي عليكم أن توزعوا هذا المال على الفقراء بالنيابة عني”.

س: ما كانت إجابتهم؟ حتى لو كان المال مخصصاً للفقراء، هل كانوا يريدون استخدامه لغايات إرهابية؟
المونسنيور القس موسى: ربما، لا أدري. في اليوم التالي، عندما هددت بالقتل، سألني أحدهم إن كان هناك ما أقوله لأقربائي. فأجبت: “أجل”. رحت أصلي مسلماً أمري لله، وقلت بعدها: “أضحي بحياتي من أجل السلام في العراق، ومن أجل أن يتكاتف كل أبناء الشعب العراقي من مسلمين ومسيحيين لبناء هذه البلاد”. فقال: “لا، أريد منك أقوالاً استثنائية، أقوالاً شخصية”. أجبته: “ليس عندي شيء آخر لأقوله”. عندها، تغير الكلام وحلت المشكلة.  

س: إذاً أنتم محبوبون من المسيحيين والمسلمين؟

المونسنيور القس موسى: ما من شك في أن هذه هبة من الله. عندما عدت إلى الأبرشية، قالت لي امرأة طاعنة في السن: “صاحب السيادة، صليت لكي يكسر الله أعناقهم”. إنها عبارة عربية. فأجبتها: “لا يا سيدتي. إن كسر الله أعناقهم، فإن عدد المعوقين سيزيد. فلنسأل الله أن يكسر قلوبهم بأعجوبة”. 

س: كثيرون هم المسيحيون العراقيون الذين يغادرون البلاد… وأنتم دوماً في الموصل. كيف تبقون في الموصل؟

المونسنيور القس موسى: أعتقد أن السبيل لإبقاء المسيحيين في العراق هو العودة إلى السلام لأن للجميع منزلاً وعملاً وتاريخاً. الكل يعلم أننا نحن مسيحيو العراق لا نأتي من بلد آخر. نحن هنا منذ 2000 سنة أي أننا هنا منذ بدايات المسيحية، وهنا نملك منازلنا. نحن عندنا تاريخنا الخاص وهويتنا. عندنا كنائسنا وأديرتنا الخاصة. وليس سهلاً أن يتخلى المرء عن هويته.

(نُقل الجزء الأول من موقع الحكمة نت)

الجزء الثاني/

س: لقد ولدتم في مكان لا يبعد كثيراً عن الموصل؟

المونسنيور القس موسى: أجل، في كركوك. في كل هذه المناطق المحيطة بالموصل وفي الشمال الذي تسمونه الآن كردستان، هناك أراض مسيحية. لدينا آلاف الكنائس والأديرة هنا. لدينا مخطوطات وكتب عن تاريخ المسيحية في هذه الأراضي. وصل الإسلام سنة 632 أي في القرن السابع، وإنما قبل ذلك، كانت المسيحية منظمة من خلال كنائس وأديرة ورهبنات.

س: لكن ما يحصل الآن هو إحضار مسلمين إلى قرى مسيحية. ألا يمكن التحدث هنا عن تطهير إتني عندما تأتي عائلات للإقامة في قرى مسيحية؟

المونسنيور القس موسى: أجل. فقد أخليت بعض الشوارع في بغداد من المسيحيين. وإنما في بغداد بخاصة، هناك شوارع قد أخليت أيضاً من السنة واستبدلت بالشيعة. لا أدري… لكن المشكلة مختلفة بالنسبة للقرى المسيحية. فالقرى المسيحية في سهل نينوى لطالما كانت هنا. والمسيحيون هنا في ديارهم. عندما يتم إحضار آلاف العائلات المسلمة إلى هذه المناطق ذات الأكثرية المسيحية، يصبح المسيحيون الأقلية، وتتغير التركيبة الديمغرافية. وهناك أيضاً مسألة الثقافة والتربية: حالياً يستطيع الجميع أن يرتاد مدارسنا وكنائسنا لأنها مفتوحة. وإن أصبحنا أقلية في هذه الأماكن التاريخية، سنفقد كل شيء.

س: هذا يعني أنكم تفقدون الكنائس أو المدارس؟

المونسنيور القس موسى: لا، لن نفقدها كمبانٍ، بل نفقد حريتنا وثقافتنا وشخصيتنا (هويتنا)، ويقل عددنا بين الأكثرية، كما هو الحال في المدن الكبرى مثل بغداد. في ظل وجود نظام ديمقراطي وبلاد مستقلة للجميع، يتمتع الجميع بحقوقهم كأفراد وجماعات، أكانوا مسيحيين أو غير مسيحيين. ففي مدارسنا مثلاً، إن كان هناك تلميذ مسلم بين مسيحيين، لهذا التلميذ المسلم الحق في التعليم الإسلامي. هذا أمر جيد ونحن موافقون عليه؛ وإنما بالنسبة إلى المسيحيين، يجب أن تكون المدرسة مؤلفة من 51% من المسيحيين لكي يحق لهم في التعليم المسيحي.

س: إذاً هذا ظلم؟

المونسنيور القس موسى: أجل. إن كان جميع المواطنين يتمتعون بالحقوق عينها، فلا داعي للمطالبة بامتيازات خاصة. الامتيازات موجودة عندما لا تضمن الحقوق عينها للمواطنين. في الولايات المتحدة، يؤذن للمهاجرين الوافدين من العراق والصين واليابان وأوروبا وإيرلندا الحفاظ على لغتهم وثقافتهم، لكنهم يعتبرون جميعاً أميركيين؛ وكمواطنين أميركيين يتمتعون بالحقوق عينها. نحن نطمح إلى ذلك، لكننا ما دمنا لا نناله، فإننا سنطالب بالاعتراف بهويتنا وثقافتنا.

س: ولكن كيف تستطيعون البقاء هنا، محافظين على ابتسامتكم وودكم، وأنتم تدركون خطورة مشاكلكم وأنكم توشكون على فقدان هويتكم الخاصة لدى العودة إلى دياركم؟

المونسنيور القس موسى: أنتم تطلبون مني أن أبكي، لكن الحياة هي الحياة ونحن نحافظ على الرجاء في المستقبل. إننا نضع رجاءنا في الإنسان. مهما كانت بلادنا مخيفة لشعبنا، فإننا لو اتفقنا على حكومة أو بلاد ديمقراطية، ستتمكن الولايات المتحدة من إيجاد حل مناسب لهذه المسألة.

هذه المقابلة أجرتها ماري بولين ماير للبرنامج التلفزيوني “حيث يبكي الله” الذي تبثه الشبكة الكاثوليكية للإعلام المرئي والمسموع بالتعاون مع جمعية عون الكنيسة المتألمة.

يمكن مشاهدة المقابلة كاملة بالأنكليزية على شبكة الإنترنت:

 www.wheregodweeps.org/iraq-kidnapped-archbishop

Gerges_Alqas_Mosa

رئيس أساقفة الموصل يتحدث عن خبرته عندما كان مخطوفًا

مقابلة في إطار برنامج “عندما يبكي الله”

الموصل، الثلاثاء 17 أغسطس 2010 (Zenit.org). – منذ سنوات يسيرة شارك رئيس أساقفة الموصل إخوته العراقيين ألم التنكيل والخطف، والتهديد بالموت. ولكنه أطلق سراحه في ما بعد. رئيس الأساقفة باسيل جرجس قس موسى يبلغ من العمر 71 سنة وهو رئيس أساقفة الموصل للسريان الكاثوليك. يذكر من خبرة الخطف هذه الحادثة، عندما سأله خاطفوه كم لديه من المال، فأجاب، ولكنه أضاف أنه إذا ما تم قتله، “فعلى الموكلين أن يوزعوا المال على فقراء مدينته.

في المقابلة التلفزيونية مع “حيث يبكي الله”، بالتعاون مع “عون الكنيسة المتألمة” أجاب رئيس الأساقفة على بعض الأسئلة المهمة، كان أولها: “هل تريد أن يترك الجنود الأميركيون العراق في أقرب وقت ممكن؟”.

في جوابه، عبّر رئيس الأساقفة عن إيجابية خطوة الانسحاب الأميركي مشددًا في الوقت عينه على ضرورة “درس خطة الانسحاب، لبناء السلام والأمن والصداقة بين الشعبين، شعب العراق وشعب الولايات المتحدة”.

وعما إذا كان يعتبر أن المسيحيين ينالون العقاب في العراق بسبب الوجود الأميركي، قال القس موسى: “لا يعجبني هذا التعبير. كل الشعب العراقي يشعر بأنه معاقب نظرًا لوجود جيش غريب على أرضه. المسيحيون، الذين هم أقلية هنا، يشعرون بتأثير هذا الأمر عليهم بشكل أكبر، ولكن الواقع هو أن كل الشعب يعاني من حالة الحرب”.

خبرة الخطف

وبالحديث عن خبرة الخطف الرهيبة التي عاشها قال رئيس الأساقفة: “لست أعرف من كان الخاطفون، ولكني أعرف أني خُطفت، وحتى الآن لا أعرف إذا كانوا متطرفين أو متحزبين، أو غير ذلك. قضيت عشرين ساعة معهم. ويمكنني أن أقول أنهم كانوا مستقيمين، وأنا كنت هادئًا معهم، مخاطبًا ومناقشًا ومجيبًا على أسئلتهم.

سألوني على سبيل المثال: لم تقولون أن المسيح هو ابن الله؟ لم لا يتزوج كهنتكم؟ ما معنى الزواج عند المسيحيين؟

وجوابًا على السؤال: “هل خطفوك لأنهم ظنوا أنك جاسوس أمريكي” قال القس موسى: “كلا! لم يكن هناك أي اتهام. أحيانًا هذا الأمر يستعمل كحجة فتراهم يتحدثون عن علاقة الفرد بقوى الاحتلال.

هذا وقد خُطف القس موسى بعد زيارة إلى أحد البيوت للتبريك، حيث انقض عليه بعض الشبان وخطفوه بسيارتهم. وخلال أسرهم له صلى الأسقف كثيرًا لكي يبقى هادئًا، ولكي لا يقول أشياءًا تجعل الأمور أسوأ. ولدى سؤالهم عما لديه من المال، أخبرهم. وعندما قالوا له أنه سيموت أجاب: “حسنًا، ستقومون أنتم إذًا بتوزيع هذه الأموال على الفقراء عوضًا عني”.

في اليوم التالي هددوه بالقتل من جديد، وسأله أحد الخاطفين عما يريد أن يقوله لأهله فأجاب بعد الصلاة: “أقدم حياتي كذبيحة لأجل السلام في العراق ولأجل جميع أبناء الشعب العراقي مسلمين ومسيحيين لكي يضموا أيديهم لبناء هذا البلد”.

وبعد إطلاق سراحه قالت له امرأة: “لقد صليت لكي يكسّر الله رقابهم” فأجاب: لا، سيدتي، فهذا سيزيد عدد المعوقين، صلي بالحري لكي يكسر قلوبهم فيدخل فيها بأعجوبة”.


الكتاب المقدس والأقليات العرقية والدينية2013

الكتاب المقدس والأقليات العرقية والدينية

(لنشرة جمعية الكتاب المقدس 2013- لبنان)

المطران جرجس القس موسى

مدخــــل

عنوان غريب بقدر ما هو مثير، بل له جانب من الأستفزاز ! فالكتاب المقدس، بعهديه،

لم يعالج هذه الحالة من زاويتها الديمغرافية والسياسية كما يطرحها الفكر المعاصر،

ذلك ان الكتاب المقدس ينطلق انما من أرضية الأمانة لله، وما تفرضه هذه الأمانة

من سلوكية على المؤمن تجاه الآخر، من زاوية اجتماعية انسانية تجاه أقليات أو

افراد مهضومي الحقوق ومهمشين لا حماية لهم، وفي نطاق شمولية الخلاص للجميع.

لكن هذا الثنائي (الأمانة لله والسلوكية تجاه الآخر) هما القاعدة الثابتة، في الواقع،

لأي تعاط اجتماعي وسياسي، فردي وجماعي، من وجهة النظر الكتابية والمسيحية، .

العهد القديــــــم

اذا تصفحنا العهد القديم لراينا عموما اتجاهين في تحديد هوية “الآخر”: الأول انطلاقا من انتمائه الديني: المؤمن وغير المؤمن؛ والثاني انطلاقا من انتمائه القومي والجغرافي. والمؤمن هو “القريب الأسرائيلي”، وغير المؤمن هو “الأممي” الغريب عن الأمة، أو “الوثني عابد الأصنام”. والتعامل مع هذا الصنف الثاني يتراوح صعدا بين القطيعة التامة (خر 7: 2- 3) والأقصاء الجذري (عد الى حادثة ايليا النبي وكهنة البعل: 1 مل ف 18).

ولكننا نجد شريحتين اخريين من الناس يتعاطف معهما الكتاب المقدس، ويمكننا اعطاؤهما صفة “الأقلية”: تنتمي الأولى الى من نسميهم “الأمميين”، ومن هؤلاء اقليات غريبة عن الشعب العبري عرقيا، بقيت في فلسطين بعد فتحها واندمجت في الأمة تدريجيا او عن طريق الزيجات المختلطة وتبنت التقاليد الدينية العبرية، فعوملت معاملة طيبة، ومن هذه الشريحة اسم توراتي شهير، راعوت، التي أعطت اسمها لسفر من اسفار العهد القديم: “فقالت نعمي: هذه سلفتك قد رجعت الى شعبها وآلهتها. فقالت راعوث لحماتها نعمي: “لا تلحّي عليّ أن أتركك وأرجع عنك، فاني حيثما ذهبت اذهب، شعبك شعبي والهك الهي” (راعوث 1: 15- 16).ومن “الأمميين” أيضا شخصيات قدمها العهد القديم كنماذج ايجابية يحتذى بها، واشهر هذه الشخصيات، أيوب الذي اكتسب صفة “البار” مع أنه آدومي (ايوب 1:1). أما الشريحة الثانية التي ييتعاطف معها الكتاب المقدس فتنتمي الى الطبقة المسحوقة اجتماعيا واقتصاديا، ويطلق عليهم مصطلح “العناويم”، أي الفقراء وصغار القوم، ومنهم خاصة “اليتيم والنزيل والأرملة”. وهؤلاء يوصي بهم الله، لا بل يقف الى جانبهم حاميا ومحاميا، في كل صفحة من صفحات العهد القديم، لاسيما في تث الأشتراع والأنبياء، واليك بعض الأمثلة:

          خر 22: 21:   “لا تسيء الى أرملة ولا الى يتيم. فان اسأت اليهما، وصرخ اليّ صراخا، فاني أصغي الى صراخه” .

          تث 24: 17- 19: “لا تحرّف حق نزيل ويتيم، ولا ترتهن ثوب أرملة.. واذا حصدت حصادك في حقلك، فلا ترجع

لتأخذ ما سقط. انها للنزيل واليتيم والأرملة تكون”.

          أح 19: 33- 34: “واذا نزل بكم نزيل في أرضكم فلا تظلموه. وليكن فيما بينكم كابن بلدكم”.

ونجد أحد أسباب العناية بالنزيل والغريب، ليس لأنه غريب لا مجير له في الغربة، حسب، بل لأنه يذكرهم بالذل الذي عاشه آباؤهم في الغربة. فتأتي الوصية كردّ للجميل الغابر، وكحافز للشعور بشعور الغريب والنزيل والمهجّر من دياره في الغربة:  خر 23: 9 : “لا تضايق النزيل، لأنكم تعلمون ما في نفس النزيل، فانكم كنتم نزلاء في مصر”. كما تستند هذه المواقف الى استذكارات “تاريخية” أقدم، كما جاء في تث 26: 5 : “ثم تتكلم فتقول أمام الرب الهك: ان أبي كان آراميا تائها…”. ومن عبرة هذا “التيه” يدعو الكتاب (خر 23: 8- 9) الى عدم التكابر والتعامل مع الأمم الصغيرة بالحسنى: “لا تكره الآدومي لأنه أخوك. ولا تكره المصري لأنك كنت نزيلا في أرضه. والجيل الثالث من البنين الذين يولدون لهم يدخلون في جماعة الرب”.

وهناك صيغة اخرى لحماية الأقليات والمطاردين ظلما في العهد القديم وهي اقامة “مدن الملجا”: وأفرد موسى ثلاث مدن في عبر الأردن شرقا ليهرب اليها كل قاتل قريبه بغير تعمد. والمدن هي: باشر للراوبينيين، وراموت للجاديين، وجولان للمنسيين” (تث 4: 41- 48). لاحظ الأشارة الجغرافية والأثنية في النص.

العهد الجديد

العهد الجديد هو أيضا لا يعالج موضوع الأقليات العرقية والدينية سوى من باب شمولية الخلاص وبنوّة الله لجميع البشر، يهودا كانوا أم أمميين، أكثرية ام اقلية، أغنياء أم فقراء، رجالا أم نساء أم أطفالا. وبذلك يسقط كل الحواجز بين الطبقات والأجناس والأنتماءات: كلنا ابناء اله واحد، وبالتالي اخوة متساوون.

من هذا المنظار ينظر الأنجيل ويتعامل المسيح مع الفئات التي تشكل مكوّنات صغيرة، أثنية أو دينية، في المجتمع اليهودي الفلسطيني في زمانه. لا بل ان معظم النماذج التي يقدمها الأنجيل كقدوة يحتذى بايمانهم او نزاهتهم يختارها من بين هذه الأقليات، وفي مقدمتهم السامريون: السامري الصالح (لو 10: 29- 37)؛ السامري الشاكر (لو 17: 15)؛ المرأة السامرية (يو 4 : 1- 42)؛ يليهم العشارون الذين، وان كانوا يهودا، فهم منبوذون لعمالتهم للرومان، ويلحقهم الراي العام اليهودي بالخطأة العموميين: الفريس والعشار (لو 18: 9- 14)؛ زكا العشار (لو 19: 1- 9)، علما بأن اول تلميذ يختاره يسوع  في انجيل لوقا هو عشار (5: 27- 29).ولقد اتهم يسوع خصومه مرارا بأنه يعاشر العشارين والخطأة.

الأنجيل لم ينفتح الى العشارين والسامريين فقط، بل ذهب الى اقليات اخرى وثنية رومانية وفينيقية، وفي انجيل لوقا اشارات كثيرة الى ذلك: أول علامة انفتاح خارج اسرائيل تأتي في نشيد سمعان الشيخ: “خلاصك الذي أعددته في سبيل الشعوب كلها، نورا يتجلى للوثنيين” (لو 2:31- 32). كما ترد في لوقا اول اشارة الى تجاوز التقييم انطلاقا من الأنتماء العرقي: “لا تقولوا ان ابانا ابراهيم. الله قادر ان يقيم من هذه الحجارة أبناء لأبراهيم” (لو 3: 8). وها هو يجتاز الحدود الى فينيقية، الى صور وصيدا ويجري فيها شفاءات (مر 7: 24- 31)، ويشيد بسكانها وبنعمان السوري الوثني (لو 4: 25- 27). أما تجاه الأقلية الرومانية القاطنة في فلسطين، فقد تجاوز يسوع وضعها كسلطة مستعمرة ووثنية، ليتعامل معها انطلاقا من ايمان أفرادها ونزاهتهم: قصة قائد المئة اذ شفى غلامه وامتدح ايمانه المتميز (لو7: 2- 9). وكعلامة لانفتاح البشرى الى الغرباء يتعمد مرقس ومتى في ايراد اول شهادة على آلوهة المسيح على لسان أحد هؤلاء العسكريين الرومانيين الذين أشرفوا على صلبه (مر 15: 39؛ متى 27: 54). في الأنجيل لا عقدة البتة من أحد، رجلا او امرأة، ولا من أية قومية، أو بلد، ولا من دين معيّن، ولا من أكثرية أو اقلية، بل بشراه تتوجه أساسا الى الكل: فمتى يختص بذكر المجوس الغرباء قادمين للأعتراف بالمسيح الطفل (2: 1)، ولجوئه الى مصر(2: 13)؛ ويوحنا يفرد مساحة كبيرة للسامريين (4: 1- 42). وانجيلا متى (28: 19- 20) ومرقس (16: 20) مع لوقا في أعمال الرسل (1: 8) ينفتحون على العالم اجمع  بارسال يسوع تلاميذه في آخر لقاء ليكرزوا ببشراه لجميع الشعوب، متجاوزين كل الفروقات الدينية والعرقية والجغرافية والأجتماعية.

واذا لم تتضمن النصوص الأنجيلية مثل هذه العبارات الأخيرة حرفيا، فلقد تطرق اليها بولس في تعليمه عندما ألغى كل التصنيفات القومية والأجتماعية، ووحد ما بين الشعوب في ايمانها بالمسيح، وبعبارات جريئة وواضحة، تتكثف في ثلاثة نصوص: 1. “في المسيح يسوع، أنتم الذين كانوا بالأمس اباعد، قد جعلتم اقارب بدم المسيح. انه سلامنا، فقد جعل من الجماعتين جماعة واحدة” (أفس 2: 13- 14)؛   2. “لا فرق بين اليهودي واليوناني. الرب ربهم جميعا” (رو 10: 12)؛     3. “أنتم جميع الذين اعتمدتم في المسيح، لبستم المسيح: فليس هناك يهودي، ولا يوناني، لا عبد ولا حر، لا ذكر ولا أنثى، لأنكم جميعا واحد في المسيح يسوع” (غلا 3: 27- 28).

الخلاصة

الأفكار الأساسية والعملية التي ناخذها من قراءتنا لنصوص الكتاب المقدس بعهديه في باب العلاقة “بالأقليات العرقية والدينية”، او بما يمكن تسميته”القريب” أو “الآخر”، بحسب المنظور الكتابي، هي :

1.     عندما يتصل الأمر بالعلاقة مع الشعوب الأخرى، أو الأقليات، من حيث هي مكونات اجتماعية وانسانية، يفتح العهد القديم نوافذ ايجابية كثيرة تجاههم (انفتاح الخلاص اليهم عند الأنبياء: نعمان السوري، أيوب، نينوى، قورش..). ولكن لا مهادنة مع الألهة الكاذبة والأصنام، وما قاومه ألأنبياء بشدة هو الأشراك بالله.

2.     في العهد الجديد تسقط كل الجدران الواقية، وتنفتح لأيصال البشرى الى كل العالم، بغض النظر عن انتمائهم الديني او العرقي أو الأجتماعي. ويسوع نقسه بدأ بالتوجه الى الرومان والعشارين والسامريين والفينيقيين.

3.     مار بولس والكنيسة الأولى تهمهما وحدة الجميع في المسيح الواحد، انطلاقا من ايمانهم الواحد وعمادهم الواحد، مما يذيب الخصوصيات الديمغرافية والأجتماعية، ويستدعي تجاوز الفروقات الدينية والعرقية السابقة.

4.     لا أقلية ولا أكثرية في المنظور المسيحي للمواطنة. الكل سواسية في الحقوق والواجبات، ولا يجوز أن تمنح حقوق اقل لمن عددهم اقل. والأعتزاز بالقومية او بالدين او باللغة، اذا كان مشروعا، لا يجوز ان يكون صنما جديدا. والكنيسة، التي هي نحن، لا تنادي بذلك فقط، بل تناضل من اجل تحقيقه مع كل الأرادات الصالحة.                                                    (12.8.2013)

حياتي هي المسيح

الرعب يسود الأوساط الطلابية والمجتمع المسيحي2010

الرعب يسود الأوساط الطلابية المسيحية والمجتمع المسيحي

6 ايار 2010

مطران الموصل للسريان الكاثوليك: الرعب يسود الأوساط الطلابية المسيحية والمجتمع المسيحي بشكل عام

6 ايار 

الموصل (6 أيار/مايو) وكالة (آكي) الايطالية للأنباء


قال رئيس أساقفة الموصل للسريان الكاثوليك المطران باسيليوس جرجس القس موسى إن جوا من الرعب يسود الأوساط الطلابية المسيحية والمجتمع المسيحي بشكل عام”، إثر الهجوم الذي تعرضت له حافلات نقل الطلبة المسيحيين في جامعة الموصل الأحد الماضي، وأودى بحياة أربعة طلاب وجرح أكثر من 80 آخرين، حسبما تناقلت وسائل إعلام عراقية محلية

وفي مقابلة مع وكالة (آكي) الايطالية للأنباء اليوم الخميس، أضاف رئيس أساقفة السريان الكاثوليك أن “مجلس مطارنة الموصل عقد اجتماعا طارئا على أثر الحادث الذي يشير إلى استهداف واضح وصريح للطلبة المسيحيين”، وقد “تمخض الاجتماع عن مذكرة نشرتها وسائل الإعلام، تحمل تضامنا مع الطلبة من جهة، ومن الجهة الأخرى مطالبة الجهات المختصة في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ورئاسة جامعة الموصل بالسماح للطلبة المسيحيين من إجراء إمتحاناتهم النهائية القريبة في مناطق آمنة في البلدات التي يسكنون فيها” وفق تعبيره

وأشار المطران باسيليوس أن المذكرة حملت نداءا إلى “الحكومتين المركزية والمحلية، وكل القوى الأمنية، بتكثيف حمايتها لضمان الأمن في البلاد، وأضاف كما “طالبنا بشكل غير مباشر الإسراع بتشكيل حكومة مركزية، لتتسلم إدارة شؤون البلاد وتقيها من عبث العابثين”، فأي “تأخير في هذا ينعكس سلبيا على الوضع الأمني وعلى نفسية الشعب وعلى هيبة الدولة”، فـ”الحكومة إن كانت قادرة أم عاجزة عن إحلال الأمن في البلاد، فهي المسؤولة الأولى والأخيرة عن ذلك، وعليها التوصل إلى السبل الأفضل لأداء مهامها” حسب قوله

ولفت إلى أن “أحداثا كهذه تمثل اختبارات قوية، لابد لها من تقوية إيماننا وعزمنا مواصلة حياتنا ودورنا في بناء بلادنا”، لكنها من جهة أخرى تترك جرحا أليما وعميقا في نفوسنا ونفسياتنا”، وربما “كوّنت لدى المسيحيين دافعا لحل مشكلتهم هذه بالهجرة” حسب رأيه

وأشار المطران السرياني الكاثوليكي إلى أن “الغاية الأولى من عمل كهذا لابد أن تكون قتل الأبرياء، فقد استهدف الطلبة وحسب”، الذين “لا يمثلون رجال سياسة أو أحزاب، أو أشخاصا يتصارعون على السلطة”، فهو “عمل غير إنساني وغير مشروع، هدفه الأول زرع البلبلة والفتنة والرعب”. ونوه المطران إلى أنه “إن كان هناك هدف كامن، خاص بفئة معينة، يرمي إلى ترهيب المسيحيين، فليس هو إلا حلقة أخرى من سلسلة من الهجمات التي تعرضنا لها سواء كجماعة بصورة شاملة، أم كطوائف محددة عند ضرب الكنائس المنفردة أو العوائل”، والذي لا يمكننا القول إنه محض صدفة”، ومع هذا “فلا يمكننا توجيه إصبع الاتهام إلى أية جهة محددة”، وأردف “إننا نتهم الشيطان وأعوانه، والبحث عن هؤلاء هو من لب مهام الحكومة”، وفق قوله

وشدد المطران القس موسى على أن “مجلس المطارنة طالب بإجراء تحقيق على المستوى الوطني، فمن يقوم بهذه ليس إلا مجرد منفذ، تقف وراءه جهات تدفعه أو تدفع له”، وهي “التي تمثل الجاني الحقيقي وتستحق المحاكمة”، فالأمر “يتعلق بحياة أبناء الوطن ومستقبله، وهو ليس لعبة بأيدي أحزاب دينية أو سياسية، وقال “طالبنا بإجراء تحقيق كامل، ولا نرضى بأن تخبرنا السلطات بأنها ألقت القبض على الجناة ولا نعود نعلم شيئا عما جرى لهم فيما بعد”، بل “نطالب بإجراء التحقيق وفقا للقوانين العراقية”، وإن “كانت الدولة غير قادرة على هذا فإننا نطالب بتشكيل لجان تحقيق دولية لتتبع القضية” على حد تعبيره

أما بشأن ما يدور في الشارع السياسي عن تشكيل حكومة شراكة في البلاد، فقد قال الأسقف السرياني “تختلف المسميات لكن الهدف يبقى واحدا”، فإن “دعيت حكومة شراكة أو حكومة وحدة وطنية أو غيره”، فكلّ “ما يهمنا هو أن تسير حسب الدستور ووفقا للقانون، وتطبق العدالة، وتحاكم المجرم، وتعطي الحقوق لكل أبناء البلاد”، فلتكن “دولة قانون ودستور ومؤسسات”، لا “دولة أحزاب أو مرجعيات”، على حد وصفه

قصة اختطاف وإطلاق سراح(تفاصيل القصة كاملة)2005

أقدم حياتي من اجل السلام في العراق

قصة اختطاف وإطلاق سراح

المطران باسيبيوس جرجس القس موسى

مساء الاثنين 17/1/2005 إلى ظهر يوم الثلاثاء 18/1/2005.

(تفاصيل القصة كاملة)

أقدم حياتي من اجل السلام في العراق

1. كنت في زيارة راعوية لعائلتين من أبناء الأبرشية في جوار كنيسة سيدة البشارة، في حي المهندسين (المجموعة )، الجانب الأيسر من مدينة الموصل. وكان معي سائق المطرانية أكرم جوزيف شفو وحده. الزيارة الأولى زيارة تعزية في شارع كنيسة سيدة البشارة. أما الزيارة الثانية، فكانت لعائلة أخرى بمناسبة تكريس بيتهم الجديد، في المنطقة. فصلينا وكرسنا البيت وخرجت من عندهم في الساعة الخامسة وخمس دقائق. ولاحظت في شيء من الارتياح بان النهارلا يزال مضيئا، إذ قد طال النهار. ومع ذلك قلت للسائق بداعي الحيطة والحذر بسبب الأوضاع الشاذة في المدينة:

أكرم! لنعد إلى المطرانية. وكان اليوم الاثنين 17 كانون الثاني 2..5.

وبعد خطوات من البيت في الشارع الفرعي، وفي نقطة شبه ميتة، إذا بسيارة صغيرة بيضاء اللون واقفة في عرض الشارع. فنزل منها شخصان نحونا بارتباك، وأشهر احدهم علينا السلاح (مسدس يدوي)، وأمرني بتشنج أن انزل من السيارة. فأنزلت الزجاج وقلت له بهدوء:

أخي، لعلك متوهم، أنا مطران، رئيس طائفة!

فتجهم بالأكثر وتوتر بغاية إنهاء مهمته بسرعة قبل انكشاف الأمر، وصرخ بي مصوبا مسدسه إلي:

انزل بسرعة، وإلا قتلتك (وكانت لهجة عربية من إطراف الموصل).

أخي، أقول لك أنا مطران.

استعجل. اسكت. هناك تحقيق عليك! اصعد إلى الصندوق.. بسرعة!

وقادني المسلح بتشنج ومسدسه مصوب على راسي طيلة اللحظات. فرضخت للأمر، وصعدت إلى صندوق السيارة بتردد. وكان الرجل متوسط القامة، ممتلئ الجسم بعض الشيء.

ولاحظت أثناء هذا الأخذ والرد السريع ثلاث سيارات مدنية فيها عوائل، وكانت لا شك عائدة إلى بيوتها، وقد لاحظت ارتباكها قبل صعودي إلى الصندوق.

أما مشاعري وأنا في الصندوق فكانت:

ما كان متوقعا أو محتملا أن يحدث، ها قد حدث! يا رب اجعل نهاية حسنة لهذا الحدث واعني. أعطني أن أقول الكلام المناسب، فلا تسوء الأمور أكثر.

وفيما انأ أفكر بالجانب الاعتباري لوضعي في الصندوق، فكرت بان أكرم سينقل

الحدث أول الأمر إلى الأب بطرس موشي، النائب العام، وستبدأ الاتصالات في سيناريو أصبحنا نعرفه. ومددت يدي إلى جيبي لأفتح التلفون النقال على الأب بطرس، ولكن الجهاز لم يعمل داخل الصندوق. ثم أخذت الكالوت الأسقفي الأحمر من راسي ووضعته في جيبي.

2. قادوني إلى بيت وصلناه بعد حوالي عشر دقائق. وقبل فتح الصندوق، سمعت إننا دخلنا كراجا. وسمعت احدهم يسال:

شرس، مو شرس؟

هل كان يتحدث معي، أم مع غيري؟ فأجبت من داخل الصندوق:

لا اخوي، مو شرس!

ففتح الصندوق على مهل، ورأيت رجلين على راسي: الأول المسلح الذي اختطفني، وآخر اسمر اللون، وبيده هو الآخر مسدس مصوب نحوي، وأمرني بالنزول بنبرة عنيفة. وقبل أن انزل، قلت لهم بهدوء:

اخوي. لا يحتاج الأمر إلى العنف. اسألوني ما اردتم. ولنجلس سوية للتفاهم.

اسكت. انزل. لنا معك تحقيق. لقد جاءنا اسم قس. فإذا لم تكن أنت

المطلوب احبك من راسك وتعود!

وكان القائل هو الذي اختطفني في الشارع. أما الشخص الجديد الأسمر فكانت

لهجته اقسي وبقي مشهرا مسدسه نحوي:

انزل. إذا لم تكن أنت المطلوب، تروح تولي!

فنزلت من الصندوق وكأني في أحداث حلم أو فلم كاوبوي. وبقي هذا الأسمر معي، وهو الذي سيبقى إلى الأخير.وامسك بذراعي اليسرى بغير عنف وقادني إلى البيت. ولاحظت بدهشة علما عراقيا فوق المبنى، كما لاحظت إن كاشي طارمة المدخل مغبرة وعتيقة، وكان البيت غير مسكون. وقبل الدخول لاحظت في الطرف الآخر من الشارع شرفات مجموعة من الشقق الفقيرة.

ودخلنا حجرة تشبه دائرة رسمية مهجورة بمكتبها الحديدي في الصدر وستائرها

المسدلة، والأرض المفروشة بكاربت قديم. فقلت له بشيء من السذاجة:

تفضل أخي، نجلس ونتفاهم!

أنت تسكت. ولا تتكلم. قبل كل شيء، التعليمات هي أن تفرغ جيوبك.

وافرغ جيوبي فعلا من كل شيء: المحفظة. دفتر الملاحظات. المفاتيح. القلم. الموبايل. منديل الجيب. خاتم الأصبع والصليب. ولكني لم اقل شيئا عن الصليب الذهبي الصغير الذي تحت الثياب. وفيما كان يأخذ هذه الحاجيات، نطق بالتهمة:

أنت تتعاون مع الامريكان!

فابتسمت ورديت التهمة بالاستغراب وبان هذا الأمر بعيد تماما عن الصحة:

اسألوا عن مواقفنا كل من أردتم، من مسيحيين ومسلمين، في المدينة للتأكد من مواقفي.

ما اسمك؟

المطران جرجس القس موسى

ما معنى مطران؟

رئيس طائفة

رئيس طائفة  وتتعاون مع الامريكان؟

3. لم يفد ذلك كله، بل استمر في تنفيذ ما رسمه:

تعال إلى هنا. مد يديك.

منذ أسبوع ونحن نراقبك!

فمددت يدي بصمت وابتسامة خفيفة لا تخفي المرارة. فأوثق يدي، ثم رجلي، ثم عيني. لقد ظننت في سذاجتي إنني بعد استيضاحات معينة لربما سيطلقون سراحي.

سيما وان احد الخاطفين، هذا الذي صوب إلي مسدسه مهددا بقتلي إن لم أذعن، لدى اختطافي قبل لحظات، كان قد قال لي بأنني سأخضع لاستجواب، وإذا ما ظهر إنني لست الشخص المطلوب، فسيدعونني وشاني. ولكن عندما ربطوا رجلي ويدي وعيني وفمي، وافرغوا جيوبي، وتركوني هكذا وحدي طوال الليل ملقى على الأرض في غرفة واسعة باردة، مع تهديد بان مصيري سيكون الذبح.. صرت أتوقع كل شيء.. ووضعت أمامي أسوأ الأحتمالات. وفيما كان يشدّ يديّ ورجليّ، استذكرت بصورة عفوية المزمور الذي نتلوه كل يوم لدى تقدمة القداس:

“كحمل سيق إلى الذبح، وكنعجة أمام الجزار كان صامتا”.

وأخذت أستذكر المزامير الملائمة طوال الليل. وكان قد دس ما يشبه الوسادة تحت راسي. وقبل أن يغادرني قال:

مطران. أنت عليك الذبح!

لقد أطلقت الكلمة! لم تفزعني. ولكني وضعتها بالممكنات. ولما أجبته ببعد التهمة عن الواقع تماما، سمعته يمزق خرقة، فأحسست أنها ستكون تعصب فمي. وهذا ما فعله وخرج وهو يقول:

لا تتحرك حتى يأتي الأمير وهو الذي سيصدر الحكم عليك.

4. وبقيت ملقى على الأرض بهذا الشكل وأنا أصلي. ومع تقدم الليل والعتمة كنت أتعمق في الصلاة والثقة والهدوء. وبهذا الهدوء تسلمت نفسي بيد الله مهما تكن النتيجة، حتى النهاية. وقضيت الليل كله في استذكار المزامير وتلاوة صلاة الاستسلام للأخ شارل التي نتلوها، نحن كهنة يسوع الملك، كل يوم

(أبت إني أسلم لك ذاتي.. افعل بي ما تشاء..).

وكان محور صلاتي:

يا الهي ألتمس منك ثلاثة أشياء: طاقة التحمل؛ النفس الطويل مع الرجاء؛ وأن أبقى هادئا إلى الأخير. ولتكن مشيئتك.

وكنت مع عمق الليل، اسمع صوت الآليات في الشوارع القريبة وصوت إطلاق نار أو تفجيرات، وقد تجمدت من البرد وأنا ملقى على الأرض دون حراك. لم يأتني احد قط طوال الليل.

وتعرضت لحرج أدبي في الطبيعة، وبسبب البرد الذي قرسني، زاد إفراز الجسم إلى حد المضايقة، وانتظرت أن يجيئني احد لالتمس منه الذهاب إلى المغاسل. فلم يأتني احد. فاضطررت إلى القرار، وحاولت الزحف إلى أمام، وأنا موثوق، لابتعد قليلا عن موقع نومي. وأعطيت الطبيعة ندائها عن مضض وذلك ثلاث مرات أو أربع حتى الصباح. وأنا اشعر، لا فقط بالحرج من نفسي، ولكن بابتلال ثيابي وحتى معطفي الخارجي.

5. وجاء أذان الفجر. فقدرت الوقت بحوالي الساعة الخامسة فجرا. وفي ما حسبته حدود الساعة السابعة صباحا أو بعدها بقليل، شعرت بالباب يفتح، وصوت صاحبي يقول: مطران كاعد، نايم؟

فأجبته وفمي معصوب: صباح الخير!

قال: من فتح رباط فمك؟

كانت عباراتي غير مفهومة تماما بسبب الخرقة التي على فمي. فجاء وفكها. وقال:  ماذا تريد؟

فأجبته: صباح الخير!

فاضطر إلى الإجابة على  التحية. ثم قال وهو واقف على راسي:  يبدو  أن  لا شيء عليك!

شكرا. الله يحفظكم!

فحل رباط رجلي. ثم أمرني بالوقوف. ومد ذراعه نحوي، واستندت عليه

وقمت متجمدا متكسرا. ثم فتح عصابة عيني. وامسكني بيدي. ولما خرجنا إلى الشرفة، صار ينظر يمينا ويسارا واقتادني إلى السيارة، وبالطريقة ذاتها، أي في صندوق السيارة. وبينما نحن خارجون سألني إذا ما كنت جائعا. فلم اجب. ثم قال:  كيف كانت ليلتك؟

فلم اجب أيضا. فقال للفور: أكيد ليلة من العمر!!

فأجبته بنبرة الدعابة المرة ذاتها: هذا صحيح!!

وذهب بي في السيارة إلى ما تهيأ لي انه خارج المدينة، وأحسست بذلك من سماعي أبواق السيارات ثم اختفائها. ثم أخذنا طريقا ترابيا حيث شعرت إننا اجتزنا حفرا ومياها راكدة وعطلت السيارة، وانطفأ محركها في مطبة طينية.

وبعد حوالي نصف ساعة. وسمعته يفتح باب الكراج وندخل. وسمعت أصوات صبية وأمهات. ولما خفتت الأصوات وتلاشت فتح باب الصندوق واقتادني من يدي كما فعل البارحة إلى داخل الدارعبرالمطبخ – مطبخ ذي أثاث ريفية اعتيادية جدا.

–وفي الهول الداخلي أشار إلى المرافق– وكنت قد طلبت إليه قضاء حاجتي منذ الصباح في البيت الأول– وحل يدي. بعدها أدخلني الغرفة الداخلية حيث قضيت صباح اليوم التالي للاختطاف، 18/1/2005.

6. وهنا بدا الفصل الأقسى. أجلسني على طرحة بسيطة على الأرض. وربط يديّ ورجليّ من جديد، ولكن بسلسلة معدنية هذه المرة وبقفلين، الواحد للأرجل والآخر للأيدي. ومع بقائي هادئا تماما، حاولت التحدث إليه كانسان اعتيادي لإقناعه ببراءتي ولتحريك مشاعره. وتجولت بنظري في الغرفة:

لا شيء يوحي بالخصوصية. لا صورة نبي، ولا ولي، ولا كتابة أو أية أو علامة تشير إلى أن هؤلاء الناس لهم اهتمام ديني. بضعة مطارح أسفنجية مغلفة بالقماش، مطوية. هيئة الدار ريفية بسيطة. حتى الكهرباء يبدو غير مكتمل. وكانت الستارة مسدلة لا تسمح بالرؤيا إلى الخارج. لا كرسي. لا طاولة. ورفيقي نفسه سحب طبلة حديدية واطئة وجلس قبالتي قريبا جدا وهو يردد عبارته الثابتة:

مطران معك لا يفيد أي شيء. عليك الذبح! وستذبح مثل الخروف بعد قليل.

فلم اعر اهتماما لقوله. بل طلبت إليه أن يجلي تجاهي لنتحدث:

ماذا؟ أنت محكوم عليك بالذبح. وأنا لست سوى المنفذ. الأمير هو الذي حكم

عليك بالذبح. سنذبحك وسنلقي بجثتك. نحن ذباحون. كم ذبحنا من جماعتكم!

في الحقيقة أخذت كلامه الناشف على محمل الجد. فلقد ذبحوا حقا كثيرين.

وقلت في قلبي:

لربما ستكون النهاية بهذا الشكل! ما حدث لغيري يمكن أن يحدث لي. لتكن مشيئتك يا رب.

وكنت امني النفس باني سأستطيع المماطلة معه بعض الوقت، حين قام فجأة وعاد إلي مع سكين مطبخ كبيرة ووضعها على حافة الطاولة التي كان جالسا عليها. فتذكرت ما سمعته من القصص المشابهة. ثم ذهب ثانية وجلب اناء. فقلت في نفسي إن تلك أساليب للتخويف والترهيب.

الأمير حكم عليك بالذبح فقط. لا فدية ولا مساومة. فالشرع لا يفرق بين

مسلم ومسيحي، بين رجل دين أو غيره إذا ثبت ذنبه. ونحن نذبح. وأنت مصيرك الذبح كالخروف.

وبينما كنت أحاول الحديث معه بهدوء وإنسانية وابتسم قليلا لأخفف عني وعنه، بادرني مرة أو مرتين بشيء من الخشونة:

لا تضحك. الأمر بالغ الخطورة.

7-  وتفأجات إذ قام من مكانه وجلس ورائي وامسك راسي بيده اليسرى بشيء

من العنف والسكين بيده اليمنى. ثم سحب الإناء وأمال راسي بعد أن فتح أزرار رقبتي. ثم غرز السكين في رقبتي قائلا:

“باسم الله”،

كما يفعلون عندما يذبحون دجاجة أو خروفا. وكنت ساكتا أصلي بكل هدوء واستسلام شاعرا إن النهاية قد تكون قريبة واطلب العون من الرب.في تلك اللحظات غاب كل شيء عن اهتمامي ووضعت أمامي ما هو جوهري في الحياة:

لقاء الرب والإيمان. واضعا الاحتمالين في فكري:

الذبح الفعلي، وإمكانية تراجعه. ولما كان يدفع بالسكين أكثر في لحمي وانأ ساكت وعيناي مغمضتان ومن دون أية مقاومة، قال بنيرة جادة وكأنه يتهيأ لذبح دجاجة:     وعندما رأيته مصرّا طلبت إليه، إذا لم يكن له بديل آخر، أن يسمح لي أن أصلي. فرفع سكينه عني. ومن دون أن افتح عيني صليت بصوت عال، برغبة أن يسمع:

“يا رب، بين يديك أسلم حياتي. أقبلني برحمتك. أغفر خطاياي واسندني. ولتكن

مشيئتك”. وسكت.

8-  أليس لك كلمة أخيرة تقولها لأهلك؟

قلت: نعم.

قال: ما هي؟

فقلت:  فقلت بصوت جهور وبهدوء تام، مغمض العينين:

“أقدم تضحية حياتي من أجل السلام والأمان في العراق، لكي يعيش جميع أبنائه،

مسيحيين ومسلمين، سوية في سلام وأمان، ويضعوا أيديهم بأيدي بعضهم ويبنوا

هذا البلد معا، لأن هذا الشعب يستحق الحياة”

وسكت.

–  أليس لك شيء آخر؟

–  كلا.

–  كلام خاص لأهلك. لجماعتك؟

–  لا ليس لي شيء آخر

فأعاد سكينه إلى رقبتي قائلا: سأذبحك. سيسقط راسك هنا وجسمك هناك. مثل الطلي.

اترك الأمر لوجدانك وذمتك. أنا الآن في ذمتك!

ألا تخاف؟

لا. لم أفعل ما يستوجب الخوف. وأضفت:

إذا لم يكن لديك حلّ آخر! لتكن إرادة الله.

وعاد ليضغط بسكينه على عنقي. وعندما رأى أنني على هدوئي ولم أتحرك، رفع

سكينه وابتعد عني قائلا: 

لا… كلامك جيد…يبدو انك لست من هؤلاء.

ثم نهض من ورائي بقامته، وشعرت بان كابوسا قد أزيح. وكان شعوري بين

السلام الداخلي العميق والطمأنينة التي لا تستبعد عودة تأزم الموقف. وجلس من

جديد قبالتي على الطبلة وقال:

أتعرف لماذا لا نذبحك؟ لأننا إذا ذبحناك، ماذا سيحدث؟ سيوضع المشهد على

قرص. أين سيذهب القرص؟ إلى قناة الجزيرة. ما معنى الجزيرة؟ معناه أن آلافا

الناس سيرون هذا المشهد.

وكان يلقي أسئلته ويجيب عليها بنفسه.وأنا أصغي. ثم استطرد قائلا:

هذا المشهد لا نريد أن يراه المسيحيون… قس… مطران يذبح… لأن

بيننا اخذ وعطاء…

وهنا دخلت على الخط.. وأتممت الجملة بهدوء: … ولأن بيننا خبز وملح،

لأن مصيرنا مشترك، وإننا شركاء في هذه الأرض التي هي أمنا جميعا.

9 –  وهنا اخذ الحديث منحى آخر:

لماذا نخسرك؟ لماذا لا نكسبك؟ ما هو رأيك بالمجاهدين؟

فأجبته بكل تأن وهدوء:

إذا كان الجهاد في سبيل الله، فكلنا مجاهدون في سبيل الله. وإذا كان الجهاد في سبيل الوطن، فالأرض أرضنا والغريب يجب أن يغادر…

ولكن كل واحد بأسلوبه الخاص.

فأجاب: هذا مجرد كلام!.. بكم تدعم المجاهدين؟

هنا أحسست بأننا وصلنا بيت القصيد. فسألته كمن لم يفهم قصده:

ماذا تعني؟

قال: كم تستطيع أن تدفع للمجاهدين؟ ما هي إمكانياتكم؟

فقلت بشيء من التردد والارتياح: دفترين.. ثلاثة…

ماذا؟

وعندما لاحظت تقطيبة وجهه واستيائه من جوابي.. أسرعت إلى القول:

ممكن خمسة دفاتر. هذه هي إمكانياتنا. وهذه أيضا، علينا أخذها من صناديق الكنائس.

فقاطعني:

اسكت اقل من 15 دفترا، غير ممكن. أنت مطران. ألا تشتري

حياتك؟ أيهما أفضل، أن تدفع 15 دفترا أم أن تذبح؟! إذا كنت عزيزا عليهم 

ويحبونك ويحترمونك،  فسيدفعون.

وبقينا ردحا من الوقت في مساومة حذرة.. وهو على إصراره ويهدد..

ويذكرني بمن ذبحوا من مسيحيين ومسلمين. وبينما اخذ الحديث منحيين في آن واحد: المساومة –وكنت أرى فيها في داخلي حلحلة للقضية لا بد أن نتوصل إلى حسمها– واستمرار التهديد والتلويح بالذبح، وبان الحكم الفصل سيكون بمجيء الأمير. قلت له:

اترك الأمر لضميرك!

ما هو الضمير؟ إذا كان الواحد خائنا، فالآية الكريمة تقول: “اذبحوهم.. قطعوهم.. الخ”.وانت  تتعاون مع الاميركان..

وفيما لم أرد التعليق أو التحقيق عن “الآية الكريمة” التي سردها.. بادرني

بسؤال من نوع جديد:

كيف تقولون إن الله له ابن؟ الله هو روح. أليس هذا كفر؟

الله هو روح، وكلامه روح، ويتكلم مع الأنبياء والبشر بكلام الروح في أعماق

الإنسان ووجدانه.

إذا فكر احد عندما نقول “ابن الله” بان هناك زواجا وإنجابا، فهذا خطا. هذا كفر لا نقبل به. وإنما يجب أن نفهم هذه العبارة بمعنى روحي.

وخطر ببالي في تلك اللحظة مثل استحسنت التعبير عنه كما يلي:

خذ مثلا ترى طفلا عاقلا، ذكيا. فتقول له: “ابني، الله يخليك”. وترى

طفلا ثانيا “وكيحا”، مشاكسا، فتقول له: “ابني، اكعد راحة”،. فعبارة “ابني” الأولى تختلف عن “ابني” الثانية. ف “ابني” الأولى تعبر عن أمنيتك لو كان لك ابن مثل هذا الطفل الذكي،  العاقل، أو  وان يكون ابنك ذكيا وعاقلا مثل هذا. أما “ابني” الثانية، فإذا لم يسمع المعنى منك، فستتركه وشانه. هذا يعني إذا أن بقدر ما يتصرف الواحد بحسب إرادة الأب ويعمل الصلاح ويسمع كلامه، تتحقق فيه البنوة الصالحة. والسيد المسيح هو الذي حقق مشيئة الله بأسمى الصور وأفضل من كل البشر قاطبة، وعمل الصلاح بأعلى ما يمكن إطلاقا، كما يشهد القران ذاته، فندعوه “ابن الله”. بنوة روحية لا جسدية.

ثم غير الحديث: أنت متزوج؟

لا

لماذا القس والراهبة لا يتزوجون؟

انظر. عندما تحب شخصا، تحاول ان تعطي له اعز ما عندك. فالزواج

شيء كبير ومقدس نضحي به لنكرس حياتنا بكاملها لله ولخدمة الناس ولعمل الخير. ليس لان الزواج شيء غير حسن. أبي وأمي تزوجا، ولم يرتكبا خطا. عندما تزوجت لم ترتكب خطا. الزواج ليس فقط جنسيا. الجنس هو علامة ونتيجة للحب الذي بين الزوجين. فبالإمكان أن تكون لك علاقة جنسية مع شخص لا تكن له ذرة من الحب. عندما تزوجت، لم تفعل ذلك لمجرد التعاون بينك وبين زوجتك. الزواج رباط حب وأمانة. وهذه الأمانة تظهر، ليس فقط في العلاقات الجنسية، بل في التعاون والعمل المشترك وتربية الأولاد والاحترام المتبادل والمودة التي بينكما.

ففي الأولاد ترى امتداد لحبكما وأمانتكما، أنت وزوجتك.

ثم تكلمنا  عن صبر الله على الإنسان ليكسبه. وكنت اعلق على كلمته عندما أعاد سكينه عن عتقي  وأشار مفضلا أن يكسبني. وكنت أنا الذي أثير هذه الفكرة أو تلك انطلاقا من سؤال بسيط يطرحه. لم يبد لي مهتما بما أقول، ولكنه كان يصغي. وهنا أخذته “صفنة” قصيرة، قطعها بنبرة من لا يرى في مثل هذا الحديث سوى مضيعة للوقت. وقال:

مطران. هذا الكلام لا يفيدك. أنت عليك الذبح وبس.

فقلت له: رجعنا:؟؟!!

ثم استطرد: اسألوا عنا وعن مواقفنا، عند المسيحيين والمسلمين.

من تعرف من المسلمين؟

شخصيات كثيرة  في المدينة. مثل رابطة العلماء المسلمين، الحزب الإسلامي…

فقاطعني: هؤلاء كلهم خونة.

بهذا الكلام قطع ادعائي. وخفت أن اذكر اسم احد، فأتسبب في إيذائه، عوض

أن استجير باسمه. وفي هذا الأثناء كنت اعد نفسي لتبدلات في مزاجه.

أما أنا كنت اتهيا لإمكانية التنفيذ الفعلي لتهديداته ولنهاية مأساوية. وكان الأمل الوحيد هو الزيارة المرتقبة “لأميرهم”. وعاد إلى بيت القصيد مرة أخرى:

يلا كم تدفع؟

قلت لك ما هي إمكانياتنا!

كف عن الكلام. لا يمكن أن نقبل اقل من 15 دفترا. وإلا فأنت تحت قبضتنا!

ففكرت إن إطالة الوقت والمساومة قد تقلل من المبلغ، ولكنها ستطيل أيام

احتجازي –على أحسن تقدير–  وبذلك ستطول مأساة الكنيسة ومعاناة شعبنا. من جهة أخرى أعددت في ذهني أن يقدم هؤلاء على أي شيء، وقد فعلوها مع غيري. ماذا يهمهم لو قتلوا مطرانا أو غيره. إذ ذاك ستكون ضربة قاصمة للمسيحيين وستدهور معنوياتهم ويدمر الرعب صفوفهم. فقررت إن البت السريع يكسبنا الوقت وينهي محنة الكنيسة والمسيحيين الذين هم حتما على أعصابهم المحترقة في الخارج.

ليس فقط الأصدقاء والأهل وأبناء الأبرشية والكهنة، بل كل مسيحيي العراق. بل أقول بان هذا كان همي الأكبر، وفي شمولية تفكيري غاب أصدقائي وأهلي بين صفوف أبناء كنيسة العراق. كل هذا  مضغته في قلبي في لحظات.. وما كانت كلمات الحديث المتقطع التي تلت بيننا سوى تغطية لقرار العقل إزاء تحديات الإرهاب: فقلت: طيب: 15، 15

أخابر؟

نعم خابر.

وكان قد اخرج تلفونه النقال. فقلت له: لا اعرف أي رقم غيبا. أرقام

التلفونات هي في الدفتر، والدفتر عندك.

فقام وجلب دفتر ملاحظاتي الذي أخذه مني مساء البارحة. ولكني حاولت ان اقرا، فلم استطع لقلة الإضاءة في الغرفة، ولعدم وجود نظاراتي. فأزاح ستارة النافذة قليلا وبحذر كلي. فبحثت عن صفحة الأرقام. ثم أمليت عليه أول رقم للمطران غريغوريوس صليبا فلم يجب. ثم رقم الأب بطرس موشي، فلم يجب. ثم أعطيت له رقما ثالثا، رقم الأب بيوس عفاص. فأجاب للحال وكأنه كان يترقب هذا النداء. فبادره مرافقي بنبرة ساخرة:

أتعرف من يوجد في ضيافتنا؟

فسمعت الأب بيوس يتكلم بصوت واثق ليثبت شخصيته على المتكلم:

نعم. اعرف. هذا مطراننا ورئيسنا. اهتموا به احترموه.

فقطع عليه الحديث بحدة: انتبه. مطرانك سنذبحه ونقطعه اربآ أربا. السكين حاضرة.

فتغيرت نبرة الأب بيوس وصار صوته مخنوقا، مأسويا: كيف؟ هذا غير ممكن. هذا

الإنسان شخصية كبيرة في البلد. مواقفه وطنية وشجاعة. اسألوا عنه. لا يمكنكم أن تفعلوا ذلك!

تدفعون 15 دفترا، وتاتون لاستلامه. وإلا فنحن نذبحه.

فتهدج صوت الأب بيوس: لا. أنت تمزح.  15 دفترا مبلغ كبير لا نستطيع تأديته.

وبعد مساومة قصيرة واستمرار التهديد بالذبح بلهجة متشنجة، أشرت إلى

صاحبي أن يعطيني التلفون.

ومد الجهاز نحوي. ولكنه وضع يده على السماعة وهو يحذرني بشدة:

إياك أن تتكلم بالمسيحي (يعني بالسورث).

ولما كانت يداي مربوطتين لا استطيع الإمساك بالتلفون، وضعه أمام فمي. فقلت بصوت هاديي للأب بيوس:

أبونا بيوس. اتبع ما يقول لك الأخ هو، اتفق معه على طريقة الالتقاء. أين

ومتى. رقم سيارتك. لونها. وكذلك هو، كيف سيكون لابسا، نوع سيارته؟

وأفهمت الأب بيوس إن لا فائدة من استطالة المناقشة. ثم أعدت التلفون. فأخذه وخاطب الأب بيوس:

مطران بيوس (!) الساعة الثالثة بعد الظهر تجلب المبلغ كاملا وتسلمه لجماعتنا

وراء جامع الصابرين، هذا الذي هجم عليه الكفار الاميركان. وبعد نصف ساعة وفي نفس المكان عند موقف الباصات تستلمه. ولكن أحذرك إذا نقص المبلغ شيئا سنذبحه ونلقيه في الشارع. (ثم بلهجة قاسية جدا):

أحذرك من أن تخبر أحدا. إذا أخبرت الاميركان أو أية قوة أخرى أو قمت بأية حركة سنقتله

ونقتلك. ولن يفلت منا احد. ولا تحاول اخذ رقم الموبايل. هذا الرقم لا يظهر على الشاشة. رقم وهمي ولا تحاول معرفته.

ثم أغلق التلفون، ونهض، وهم بالخروج.

10. وقبل أن يخرج أردت أن افرض عليه شيئا أدبيا. وكان ظهري قد اخذ

يؤلمني لجلستي غير المريحة على الأرض مكتوف الأيدي والأرجل بسلاسل. فقلت له وأنا انظر إلى وسادات كانت ملقاة على الأرض قريبا مني:

الله يخليك. وإذا كان لك أولاد، الله يخلي أولادك، ألا يمكنك أن تضع هذه

الوسادات وراء ظهري لاتكئ؟

فاخذ الوسادات الثلاث ووضعها وراء ظهري، فاتكات وشعرت بالراحة. وأغمضت عيني وصرت أصلي. أما هو فقد خرج إلى الهول الداخلي. وسمعته يتكلم مع أشخاص، وناداه احدهم  باسم خالد. ثم غابت تلك الأصوات. وسمعته يتكلم وحده بالتلفون، وقد حاولت أن التقط شيئا من الحديث. ومما سمعته وبقي في ذاكرتي انه قال لمحدثه إن الاتفاق قد تم، وسيدفعون 15 دفترا. وبعد برهة إنصات سمعته يقول: “هذه هي إمكانيتهم. وهذا المبلغ نفسه سيجمعونه من الكنائس”. ثم عاد إلى الغرفة وباغتني بقوله: مطران. لا نقبل ب 15 دفترا. عليكم أن تدفعوا  20 دفترا. وإلا…

فأجبته بشيء من العتاب والانزعاج الذي لم اظهر منه إلا قليلا: الم يتم الاتفاق؟ لم هذا التغيير؟

فقاطعني بحدة: من دون مناقشة. تدفع 20 دفترا، وإلا ستبقى. ما هو الأفضل والأغلى: حياتك أم 20 دفترا؟ إذا كانوا يحبونك، هل يتركونك تذبح من اجل 5 دفاتر؟

فتخيلت سيناريو الرعب في صفوف المسيحيين مرة أخرى. فما كان مني إلا أن ارضخ. فقبلت وقلت: انتم ووجدانكم!

ففتح التلفون مرة أخرى على الأب بيوس: مطران بيوس. هذه القضية لا تتم إلا بعشرين دفترا، وإلا ذبحنا مطرانك.

فسمعت اعتراضات الأب بيوس واستغرابه من هذا “الاستغلال”… وانه من

الصعب جمع المبلغ. وخوفا من تفاقم الوضع   أشرت من جديد الى الرجل أن يعطيني التلفون. فقلت للأب بيوس:

أبونا بيوس. لا مجال للجدال. حاول أن تكون على الموعد، مع المبلغ المطلوب.

فرضخ هو الآخر. ثم استعاد الشخص الجهاز وردد تحذيراته الأب بيوس بخصوص السرية التامة والاحتياطات. ثم نظر إلي وقال:

الم يكن بمقدورنا أن نطلب 5. دفترا، وإذا كنت رئيسهم، أما كانوا سيدفعون؟ ولكن لكل شيء حدود!

ومع كلامه قرص خدي بشيء من الدعابة السوداء وهو يقول: أليس مؤسفا أن هذه الخدود يأكلها الدود؟

وفي إحدى الحالات وضع رجله على رجلي بغاية فرض سيطرته علي. ولما استطال ذلك، قلت له:

أخي، منذ البارحة قلت لك باني اعتبرك مثل أخي الصغير. ولكن هناك اعتبارات! فقال لي:

ماذا تعني؟ فأشرت بعيني إلى رجليه. فأجاب:

لم نفعل بك شيئا حتى الآن. يبدو انك لم تر شيئا مزعجا.. فأجبته:

لم أر سوى الطيبة! قال: نحن أيضا طيبون! قلت: الطيب لا يصادف سوى الطيبين.. ثم استطردت:

ولكن إذا كان هذا الوضع يريحك، فأهلا وسهلا. حينئذ سحب رجله. وقال: يبدو انك لا تحب الدم! قلت: لا. وأظنك أنت أيضا لا تحب الدم!

ثم خرج لمحادثة تلفونية أخرى.

أما أنا فأغمضت عيني من جديد وكنت أصلي في هذا اليوم الثاني من اختطافي من اجل من يصلون من اجلي في الخارج. لأني كنت أتخيل مؤمنين كثيرين وأصدقاء يصلون لأجلي في أنحاء  العالم. وما سمعته عن ذلك بعد عودتي كان أكثر مما توقعت وتصورت.

وعاد إلي الشخص ليقول لي شيئا جديدا: بعد نصف ساعة سيأتي الأمير. وإياك أن تقول شيئا. إذا سالك كم دفعت، فتقول له: 15 دفترا. وإذا قلت له خلاف ذلك، فسأخبث. وأنت تفهم ما معنى “أخبث”! وكررها ثلاث مرات. وفهمت انه يعني:

أما سأقتلك، أو أسيء إلى قضيتك بما ستندم عليه! فسكت وخمنت إن الدفاتر الخمسة الإضافية ستكون من حصة جيبه الخاص، وان بينهم تآمر والتواءات داخلية. ثم خرج وانشغل بمكالمات أخرى. ولما عاد إلي بادرني  بتأجيل إطلاق سراحي إلى يوم غد بسبب تضارب المواعيد مع التزاماتهم. وبعد اخذ ورد اخذ ورد سريع وافق على تقديم الموعد إلى الساعة الواحدة ظهرا.

وفي اقتراب موعد مجيء الأمير عصب المرافق عينيّ بخرقة سوداء وتركني لوحدي في الغرفة، وعدت إلى صلاتي القلبية استذكر أبناء الأبرشية والكهنة وكل من يتابعوني بصلاتهم.

– وجاء “الأمير” أخيرا في نحو الساعة 11 ظهرا. وبادرني حال دخوله: ماذا!

كل الفضائيات مهتمة بك..حتى هذا البابا يوحنا بولس يطالب بك!

أجبته: أشكركم!

في الحقيقة لقد ارتحت كثيرا لهذه المعلومة الأخيرة. فقلت في نفسي:

إذن لقد وصل الخبر! وكنت أتوقع ذلك من قداسة البابا. أما حركة الفضائيات فكانت مفاجأة سارة لي. ثم سألني الأمير وهو واقف طيلة وقت مكوثه القصير:

ما اسمك؟.. ماذا تعمل؟… مطران  وتعاون مع الأميركان؟

قالها بنبرة لا تنم عن قناعة، وبدت لي عبارته مجرد قول لا بد أن يقال. فأجبت للفور: هذا ابعد شيء عن موقفنا!

قال: هذا مجرد كلام!

لا، هذه مواقفنا. إليك ما قلته قبل أيام، سواء أردت أن تصدق أم لا.. قبل

أيام صار حديث، وبين ما قلت: لو لم يكن للجنة سوى باب واحد مفتاحه لدى الاميركان، فتحن لا نريد هذا المفتاح!

فكان جواب الأمير: يلا، يلا! أعيدوا إليه أغراضه. أعيدوا إليه محفظته. وأعطوه موبايل ليتصل بأهله ويطمئنهم برجوعه!

وكانت نبرته في كل ما قاله نبرة مشوبة بالدعابة وغياب التشنج حسبما خيل إلي. وقدرت عمره بالأربعين. ولم يدم مكوثه أكثر من 5 – 1. دقائق. ثم غادر الغرفة، وقد رافقه الآخرين.

بعد دقائق عاد مرافقي وأحسست به يدس محفظتي في جيبي الأيسر، ودفتر الملاحظات في جيبي الأيمن.

ثم أعاد إلي الخاتم الأسقفي إلى إصبعي وأشرت إليه في أي إصبع يضعه. بعدها وضع الصليب من جديد في عنقي. ثم بعد قليل نزع عصبة العينين. وخرج من دون كلام تاركا إياي وحدي من جديد. وكنت مغمض العينين أصلي، وأنا في حالة من الهدوء النفسي.

11 –  وشعرت بألم في معصمي من جراء السلسلة. فقلت في نفسي إذا عاد فسأطلب إليه أن يخفف من شدتها. وعندما عاد بادرته فعلا:

الله يخليك! ممكن أن ترخي حلقة واحدة، حلقة واحدة فقط من السلسلة؟

فأجابني: ولكننا اضعنا المفاتيح.

وكان قد أشار فعلا انه فقد مفتاح السيارة، وشعرت بارتباكه وهو يبحث عنه. وعاد بعد دقائق مع المفتاح وحل ليس حلقة واحدة فقط، بل كامل السلسلة. فصارت يداي طليقتين. لذا انتهزت فرصة تغيبه من جديد لأفتح دفتر الملاحظات فأتأكد من وجود كل الأوراق فيه، وكذلك المحفظة. فرأيت أنهم قد أفرغوها من كل النقود (حوالي 40000 دينارا عراقيا، 800 دولار ) وتركوا لي الأوراق اللاصقة التي كانت أشير إلى عائديتها. كما أنهم لم يعيدوا إلي جهاز الموبايل، ولا الوامض الليزري الصغير الذي كان في جيبي لطوارئ انطفاء الكهرباء. أما الأوراق والهويات فلم تمس. ولم اشر إلى النواقص، حيث كنت مكتفيا بوعد الحرية التي سيعيدونها لي. مع بقائي على تصور خلاف ذلك.

12– وبينما كنت في أفكاري وصلاتي دخل علي المرافق بحركة مستعجلة وقال:

هي الساعة 12. بعد نصف ساعة سنأخذك.

وغاب من جديد. ثم بعد دقائق جاء شخص آخر لم أره من قبل، ولم يهمني أن أراه. فعصب عيني بخرقة سوداء وفك رباط رجلي وأنهضني وقال:

بسرعة. لا تفتح عينيك في الصندوق. عندما سنصل، تنزل من السيارة بسرعة ومن دون كلام. وفي المكان المحدد تأتي جماعتك ويأخذونك.

في الحقيقة لم أثق كمال الثقة.. واستمررت أضع سيناريو الاحتمالين: أن يعيدوني مقتولا ومذبوحا (فلقد فعلوا ذلك مع غيري قبلي)، وان يعيدوني حيا حقا

ويتركوني في موضع ما.. وذلك بالرغم من بقائي هادئا في أعماقي،  وكان الأمر لا يتصل بي.. او إنني في شبه حلم تكون نهايته يقظة على نور النهار.

ووضعوني من جديد في صندوق السيارة. وبعد حوالي نصف ساعة، وقد شعرت بطبيعة الطريق كما شعرت بها صباحا، توقفت السيارة.. وانتظرت لحظات، ففتح باب الصندوق وامسك احدهم بذراعي وسحبني للنزول مع توصية مشددة:

لا تنظر وراءك. وغابت السيارة  ورائي. وكانت الساعة 30ر12 ظهرا أي حوالي 20 ساعة بعد اختطافي. في الحقيقة لم أشعر بان إطلاق سراحي حقيقة إلا  عندما وطئت قدماي الأرض.

13. ورفعت العصبة من عيني ودسستها في جيبي لاكتشف أنهم أنزلوني في وسط شارع واسع مكشوف، في ركن توقف الباصات. فقلت: يا للجسارة! فهناك في الطرف الآخر من الشارع محلات تجارية، وبيوت يخرج ويدخل إليها الناس، وهنا على مقربة من ركن  نزولي صبيان يغسلان سيارة ذويهما وقد أبصراني لدى نزولي من الصندوق معصوب العينين، ورايتهما ينظران إلي مدهوشين، ولكنهما لم يتكلما بشيء. وقرأت على الجدار المجاور بقربي: “الموت للحرس الوثني”، فتخيلت إني في “منطقة مجاهدين”.

وشعرت بالغربة في هذا الشارع الذي لم يكن فارغا تماما. وصرت أدور يمنة ويسرى لألمح الأب بيوس بحسب الاتفاق، ولم أرى أحدا. واحترت من أمري. سيما وقد سمعت دوي انفجار هائل قريب جدا، وعلا في السماء عمود دخان كثيف اسود. وتلت الانفجار زخات متتالية وكثيفة من الرصاص؟ ومرت في الشارع أمامي سيارة مسرعة واحد ركابها يرش الجو بالرصاص من داخلها. فقلت:

“يا ربي نجيتني من تلك المحنة، خلصني من هذه الأخرى”. فرأيت أن ليس من الفطنة أن ابقي في الشارع هكذا التفت نحو كل الجهات. وقد بدأت المحال التجارية  القليلة  في هذا الشارع  تقفل احترازا من الأسوأ.

فأوقفت سيارة برقم خصوصي يسوقها شاب وهو وحده فيها. وساورني بعض الحذر من وجودي مع مجهول لوحدنا في سيارة أجرة وفي هذا الظرف بالذات، وقد مضت أعوام لم استقل فيها سيارة تاكسي لوحدي.

وكنت ابحث في فكري عن جهة محايدة في الأطراف اقصدها قبل توجهي إلى المطرانية، عندما سمعت راديو السيارة من محطة “راديو سوا” يعطي الموجز،   وإذا به يقول:

“اختطاف المطران جرجس القس موسى في الموصل”.

فبلعت الخبر وبقيت ساكتا حتى وصلنا إلى دير يسوع الفادي. فإذا بهم غائبون. فطرقت باب دير راهبات التقدمة المجاور، فخرج الحارس واستدنت منه ألف دينار وأعطيتها أجرة التاكسي. وخرجت راهبة شابة لتفتح لي باب المطبخ دون اهتمام خاص. ثم بغتة عادت أعقابها لتقول:

سيدنا، الم تكن مخطوفا؟ فأجبت ضاحكا: نعم  أنا  هو!  فعادت وعانقتني بحرارة. ثم هرعت إلى إيقاظ زميلتها، وكانت الساعة الواحدة والنصف ظهرا تقريبا.

وهنا، لدى انفعال الراهبة، تصورت بطرس عائدا من السجن إلى البيت الذي كانت الكنيسة فيه مجتمعة تصلي من اجله، وكيف إن الصبية البوابة، في فرحتها وانفعالها، كما يذكر كتاب أعمال الرسل، تركت بطرس خارجا لتذهب وتخبر الإخوة بقدومه!

ثم اتصلت بالأب بيوس والمطرانية. وبينما أعدت لي الراهبات لقمة من السباكتي – حيث لم أكن قد ذقت طعاما أو ماء منذ عصر البارحة – حضر الأب بيوس، وأكرم سائق المطرانية، وريان سلمون بسيارته. أما اللقاء فكان عارما لا يوصف سوى بدموع الفرح. وتوجه موكبنا إلى المطرانية حيث كان إخوة يسوع الفادي وأخوات يسوع الصغيرات وأعزاء آخرون ووكالات الإنباء العالمية تنتظر بفارغ الصبر منذ سماعهم قرب عودتي حرا. واستقبلتا في ساحة السيارات الجديدة  قرب المطرانية كل كادر المطرانية وأبناء أخي وكثير من الجيران المسيحيين والمسلمين ومن أصحاب المحلات التجارية المجاورة.

وبعد العناق في المطرانية  والهلاهل والتصريحات الإعلامية الأولى كان همي الأول أن انزع ثيابي الوسخة واخذ حماما حارا واستعيد نظافتي. واخذ التلفون يرن من دون انقطاع.. حتى ساعة متأخرة من الليل.. من داخل العراق وخارجه. وكانت أهم المكالمات مكالمة أبينا البطريرك الكردينال اغناطيوس موسى داود رئيس مجمع الكنائس الشرقية من روما.

وقد شرح لي نيافته بطيبته المعهودة كيف وصله الخبر من البطريرك عمانوئل دلي والسفارة البابوية من بغداد وبأية سرعة اتصل بالمسؤول عن الشؤون الخارجية في الفاتيكان، وكيف اتصل هذا الأخير حالا بالكردينال سودانو سكرتير دولة الفاتيكان وكيف هرع  الكردينال سودانو للحال ودخل على قداسة البابا يوحنا بولس الثاني واخبره بالحادث. وكيف أن ردة فعل الفاتيكان كانت سريعة وفاعلة حيث بث مناشدة قداسة البابا بإطلاق سراحي فورا، ووزع النداء بسرعة متناهية  على الصحف ووكالات الإنباء العالمية. فاهتزت الكرة الأرضية لنداء قداسته بعد سويعات من وقوع الحادث، بحيث سمع النبأ معظم الناس هنا منذ المساء عن طريق الفضائيات… بينما كنت أنا موثقا معصوب العينين والفم وملقى على الأرض انتظر المصير في الصلاة والاستسلام للرب.

14 الخلاصة:

لماذا كل هذه القصة؟ لماذا كل هذه المأساة؟ حتى الآن لا جواب لي على هذا السؤال. هل كنت  أنا  المقصود حقا؟  ولماذا؟  هل كانوا حقا يراقبونني منذ أسبوع كما أعلنوا لي؟  تهمة التعاون مع الاميركان، ومع غرابتها وما هي عليه

من خطا تام، هل كانت شيئا جادا من قبلهم؟  بل لقد شعرت أنهم يرددونها من دون قناعة أو جدية، وفي كل الأحوال من دون متابعة للفكرة. هل كانوا يعرفون حقا من أكون؟ هل كانوا مدفوعين بدوافع دينية أصولية أو متطرفة؟  مع إني لم ألاحظ أية إشارة أو علامة على الجدران توحي بالميول أو الانتماءات الايدولوجية لهؤلاء، ولا إلى أية  رموز دينية إسلامية، ولم اسمع احدهم يصلي بجانبي، ولا كانت مفردات التخاطب تعكس ذهنية أصولية أو دينية خاصة! هل لعبت الصدفة دورها فكنت أوالقضية، في فخ كمينهم؟ هل كانت ثمة دوافع سياسية في القضية، وما هي؟  ففي الحقيقة لم يحملوني أية رسالة معينة ولا ذكروا لي حدثا معينا، أو جماعة معينة، أو نوهوا إلى قضايا معينة. أن يكون ثمة تيارات أصولية إسلامية ومتطرفة حاقدة ضد كل ما ليس إسلاميا وأصوليا. هذا أمر لا شك فيه في عراق اليوم! أن تخلط هذه التيارات أو غيرها ممن هم اقل تعصبا بين المسيحيين والاميركان، هذا إذن شيء ممكن. ولكن أن يمس احد الرموز الدينية المسيحية رفيعة المستوى، فهذه سابقة لم تحدث حتى الآن… أم كان كل ذلك في سبيل الدولار؟!

إن ما هو أكيد هو: لو انتهت القضية إلى سوء، أو طال أمدها، فلكانت لفرزت نتائج مدمرة بالنسبة إلى مسيحيي العراق. لكانت معنوياتهم هبطت إلى الحضيض، ولفقدوا اتجاهاتهم، وأصيبوا بالرعب الذي يدفعهم إلى هجرة مكثفة ومأساوية بالنسبة إلى مستقبل حضورهم في هذا البلد. مع انه بلدنا قبل مجيء الإسلام. الحمد لله إن القضية انتهت على هذا النحو، كما قال قداسة البابا يوحنا بولس الثاني لدى سماعه نبا إطلاق سراحي  بعد النداء المدوي الذي أطلقه فهز الكرة الأرضية هزا. وبذلك صار العكس إذ ارتفعت المعنويات والاعتزاز عند المسيحيين، وعند أصدقائنا المسلمين أيضا، على السواء.

أما تحريري في حد ذاته، فاعزيه إلى قدرة الصلاة، والى قوة نداء البابا وهذا التكثيف الإعلامي العالمي الخارق والسريع. هل كان ثمة معجزة؟ ما هي العوامل التي لعبت دورها حقا لدى الخاطفين؟ الله وحده يعلم؟

فمع شكري العميق لله، أضيف:

ها هي خبرة جديدة  رائعة وغير منتظرة أبدا عشتها وسأضيفها إلى خبرات حياتي الأخرى. وإزاء حملة التضامن العالمي، والتكثيف الإعلامي حول كنيسة العراق، وتاريخها، ومصيرها، وتوحد قلوب المسيحيين العراقيين حول هذه القضية بعفوية وصدق رائعين، داخل العراق وفي الشتات.. أقول اجل، إزاء كل هذا.. جاءت الخبرة في مكانها!

المطران باسيليوس جرجس القس موسى

an_cross34-2a

an_cross34-2a

an_cross34-2a

قصة الاختطاف.. قصة.. وقصة الافراج معجزة !!!2005

قصة الاختطاف.. قصة..  وقصة الافراج معجزة !!!

في السابع عشر من شهر كانون الثاني 2005

تعرض سيادة راعي الأبرشية مارباسيليوس جرجس القس موسى

إلى حادث مؤسف ومؤلم أوجع قلوب المؤمنين في كافة إنحاء الأبرشية، أولا وفي

الموصل وبل العراق خصوصا، أصاب الذهول والحيرة والحسرة للأهل والأقارب

والجيران والأصدقاء ومعارف سيادته، وحتى البعيدين إصابتهم الدهشة حتى البعض

أصابهم اليأس والقنوط، كيف وصلت الأمور إلى هذا الحد يختطف رمز من موزهم

الرفيعة في الكنيسة المسيحية المسالمة والمتعاطفة والداعية إلى الخير والسلام،

والمحبة والتضامن والتسامح والتعاون والتفاهم بين كل مقومات الإنسانية في كل

وقت وكل زمان حسب تعاليمهم الدينية التي نادى بها المسيح النابعة من تعاليم

الكتاب المقدس وأصول الدين المسيحي.

وعمت موجة عارمة من الاستياء والسخط الشعبي وحتى الرسمي, وارتفعت

أصوات الخيرين في كل إنحاء العالم والمناداة بالإفراج عنه، كما ارتفعت الصلوات

والأدعية طالبة من الله القدير أن يفك أسره، ويحفظه من كل مكروه، ويمنحه الصبر

والقوة، ويعيده سالما آمنا إلى أحضان رعيته التي أحبها وأحبته.

وكان مساء.. وكان صباح..  وجاء المساء.. لليوم الثاني

بمعجزة الإفراج  عن راعينا الجليل.

التفاصيل الكاملة لقصة الاختطاف واطلاق السراح

حول حادث الاختطاف الذي تعرض له سيادته

تناولت مجلة الفكر المسيحي في عددها الصادر في ك2وشباط 2005 خبرا جاء فيه:

تناولت جميع وكالات الأنباء المحلية والعالمية حادثا، تعرض له

 المطرانمار باسيليوس جرجس القس موسى،

رئيس أساقفة السريان الكاثوليك في الموصل،

وصاحب امتياز مجلة الفكر المسيحي،

هو حادث اختطاف في تمام الساعة الخامسة والنصف من مساء الاثنين يوم

17/1/2005، قرب الموصل من قبل مجهولين. وأطلق سراحه في اليوم التالي.

 بدون معرفة ملابسات أو دوافع العملية. وكان رد الفعل سريعا جدا لهذا الحادث

فهبت موجة عارمة من الاستنكار والتنديد ,بدا بالفاتيكان ووزعت الرهبانية

الدومنيكية التي تتمتع بكرسي مراقب في هيئة الأمم المتحدة بيانا يطالب من يمكنه

أن يتدخل بالاهتمام والمتابعة.  وعندما أطلق سراحه اصدر الناطق الرسمي

الصحافي للكرسي ألرسولي يواكيم نافرو فالس بيانا جاء فيه:

بفرح كبير، تلقينا نبا الإفراج عن رئيس أساقفة الموصل. وقد شكر الأب الأقدس الله

على النهاية السعيدة لهذه الحادثة. وأشار فالس إلى انه لم تدفع إي فدية، وقد تفاجأ

الجميع من حدوث عملية الخطف تلك، لان المطران جرجس محبوب من المسيحيين

والمسلمين على السواء.

وقد تناهى إلى المجلة أن سيادته  تمكن بهدوئه وقوة منطقه من إقناع الخاطفين بسوء

عملهم وعدم جدواه على مستقبل العراق.  وقال في مقابلة له مع قناة أشور التلفازية،

انه يشكر كل من أسهم في الحملة الإعلامية، وخصوصا من سهر معه تلك الليلة في

الصلاة، التي قال عنها:

فتلك الصلاة هي التي أنقذتني، وجاء في حديثه مشددا

: أن الأرض، أرضنا والوطن وطننا، ولا يحسب احد إن الحادث يزعزع قيد شعرة 

من التصاقي بها. بل يزيدني ذلك التصاقا. ويذكر أن المطران جرجس في مقابلة له

في مؤتمر حضره في المكسيك في نهاية الصيف الماضي كان قد سئل إن كان

سيعود إلى العراق وهو ما عليه من خطورة فأجاب:

أنا راع وعلى الراعي أن يكون مع خرافه

حوار مع المطران جرجس القس موسى/موقع عينكاوة2006

حوار مع المطران جرجس القس موسى مطران الموصل للسريان الكاثوليك

(عينكاوة كوم)اجرى الحوار : سرتيب عيسى

7/6/2006

3

تعرضت سيادتك لحادث اختطاف هل لك ان تكلمنا عن هذا الحادث؟

كنت في زيارة رعوية واثناء عودتي فاجأتنا سيارة فيها مسلحون اوقفوا سيارتي واخذوني معهم . عندما تم الاختطاف رأيت ان المسألة جدية. وكانت التهمة الأعتيادية هي التعاون مع الامريكان وان كانت تهمة باطلة أساسا وغير جادة. دام الاختطاف 20 ساعة . قضيت اليوم الاول في مدينة الموصل واليوم الثاني نقلت خارج المدينة . بالنسبة لمعاملة المختطفين لي كانت جيدة وان كان الاختطاف بحد ذاته عملية مزعجة . ووضعت امامي اسوأ الاحتمالات وقلت مع نفسي باني لست افضل من غيري . غيري فقد حياته وتمنيت لو اكون اخر من يتعرض لمثل ذلك اذا كان هذا هو ثمن السلام . وقد جرت مناقشات هادئة بيني وبين الخاطفين في العديد من القضايا الدينية والتربوية. الهدوء في المناقشات كان عاملا مهما لتجنب الاشكالات وكان هناك قدر من الاحترام ، فانا لم اقاومهم  وسلمت نفسي. ولما ظهرت جدية في التنفيد طلبت من الخاطفين بالسماح لي بالصلاة فسلمت روحي بيد الرب. ثم سألني الذي كان ينوي ذبحي ان كانت لي اية وصية قبل التنفيذ . قلت نعم . قال ماذا. قلت   اقدم تضحية حياتي  من اجل سلام وامان العراق ، ولكي يضع أبناؤه مسيحيين ومسلمين أيديدهم بأيدي بعضهم ويبنوا هذا البلد لأن هدا الشعب يستحق الحياة  . وكانت هذه العبارة منطلقا للمزيد من الحديث . واخيرا جاء الامير وقال لماذا كل وسائل الاعلام تتكلم عنك حتى البابا يوحنا بولص يطالب باطلاق سراحك. ولما شكرتهم على ذلك وجه ذات التهمة التقليدية بالتعاون مع الامريكان.  قلت لو كان للجنة باب واحد ومفتاحه عند الامريكان لا نريد هذه الجنة. وهنا تغير الموقف فأمر الأمير أن تسلم  لي حاجاتي وأتهيأ للعودة وتم اطلاق سراحي بعد حوالي ساعة. اما من كان وراء حادث الاختطاف ولماذا جرى اختطافي فليس لدي جواب على هذا السؤال لاني اجهل الاسباب والمختطفين وارجو ان يكون السبب وهما او خطأ . كنت قد وجهت تحية للخاطفين في مقابلة اجريت معي في فضائية اشور.  ومن هنا اوجه سلامي مرة اخرى وارجو من الجميع العمل على ان يعم السلام في ربوع العراق واقول ان اسلوب العنف لن يوصلنا الى الحياة السعيدة التي نبغيها. كل الشعوب مرت بمحن قاسية جدا ولايمكن ان نعيد بناء بيتنا الا بالعقلانية والتعاون والا سندخل في دوامة تحطيم الذات لا اول لها ولا اخر.
كيف تقرأ الوضع الامني في الموصل ومدى تأثيره على ابناء شعبنا في  هذه المدينة؟
    هذاالموضوع مؤلم لنا جميعا حقا. انتم هنا بعيدون واخرون يتصورون وكاننا نسير في انهر من الدماء . نحن نعيش حياتنا بشكل طبيعي ، كنائسنا مفتوحة، نحتفل بمناسباتنا واعيادنا. فمثلا في الاعياد الماضية كانت كنائسنا مليئة بالمؤمنين . حاليا هناك نقطتان تزعجاننا / التهديدات عبر الموبايل ورسائل التهديد للكثير من الناس مسيحيين ومسلمين تطالبهم بدفع المال والا … قبل لم يكن الاختطاف ظاهرة ولكنه اصبح الان ظاهرة مروعة. التهديدات ترعب الناس وترغمهم على الدفع ونتيجة لهذا الوضع يهاجر اهل المدينة من اطباء ومهندسين واناس عاديين  لا علاقة سياسية لهم البتة بما يجري . وندائي هو ان نغير اساليبنا  في رفض الوجود الامريكي. نقول هناك اساليب سياسية ومدنية ودبلوماسية محلية واقليمية وعالمية . نحن نرفض الامريكان ووجودهم في العراق ولكن ليس بالضغط على مواطنينالايمكننا طرد الامريكان من العراق بالضغط والرعب على العراقيين . كلنا نرفض الاحتلال مسيحيين ومسلمين  ولكن الضغط على المواطنين العراقيين وخلق حالة الرعب تحت ذريعة اخراج قوات الاحتلال  غير مفهومة لدينا اما الهجوم على رتل او قافلة عسكرية امريكية يمكننا فهمه ولكن لايمكننا فهم تفجير امام مستشفى او وسط سوق شعبي أو تفجير كنيسة او جامع او حسينية أو ارهاب مواطنبن أمنين .

يلاحظ ان هناك هجرة مكثفة للخارج من المسيحيين العراقيين ونسبة كبيرة من هؤلاء هم من الموصل والمناطق الوسطى والجنوبية من العراق ، كيف ترى مستقبل المسيحيين في العراق ومارأيك بنزيف الهجرة المستمرة وكيفية حلها بحيث كاد العراق ان يخلو من المسيحيين خاصة الموصل والمناطق الوسطى والجنوبية من العراق؟

بحسب قرائتنا للواقع، الوضع خطر جدا والخطورة تشمل الجميع مسيحيين ومسلمين ، وان بدا الضغط على المسيحيين  اكبر لاننا اقلية عددية  ونحن  يحمينا القانون وحده فقط . ولما كان القانون غائبا لايبقى لنا اية حماية عندها يضطر المسيحي الى الهرب سواء من مدينة الموصل او البصرة او بغداد او المناطق الساخنة الأخرى.عندما يتعرض شخص الى التهديد هذا التهديد يرعب الاخرين ايضا  , مما يؤدي الى اللجوء الى المناطق الامنة ومنها كردستان او الى الخارج . من لديه مال  واقارب في الخارج يلجأ الى الخارج والاخرون يلجأون الى المناطق الامنةانا اعرف اشخاص هاجروا مؤخرا ما كانوا يفكرون ابدا في ترك العراق ومدنهم . اما لماذا يلجأ البعض الى دول اوروبا ومنها السويد  فلان المسيحيين العراقيين لهم اقارب في هذه البلدان. ولكنك ترى الكثير من المهاجرين العراقيين المسلمين في البلدان المجاورة للعراق ودول الخليج. ليس من الهين ان تترك عملك وبيتك ووطنك ان لم تكن مرغما. هناك الكثير من المسلمين ايضا من اصدقائنا في الموصل تركوا بيوتهم واموالهم. واّّذا ركزنا على اخبار المسيحيين فلانها تخصنا في الدرجة الأولى

ان الوضع الحالي يؤثر علينا سلبا  اكثر لاننا اقلية لانملك حماية عشائرية او قانونية ونحن لانملك السلاح ولانحبذه مما  يجعلنا اكثر ضعفا .
رؤيتنا هي ان تكون ثمة حكومة مركزية قوية لها صلاحيات في ممارسة السلطة وتثبيت سلطة القانون . القانون لايفرض بالقوة بل بالتطبيق الحازم والعدالة والحيادية . لا ينبغي أن تكون الحكومة فقط حكومة تصريف اعمال وانما لها سلطة وصلاحيات  تعاقب المخطيء ويسري قوة القانون على الجميع . عندما يكون القانون ساريا على المسلم والمسيحي ، الصابيئي، واليزيدي وعلى الكل  بنفس القدر سيستتب الوضع . ولن يفكر احد بترك بلده. هذا هو طموح جميع العراقيين.
قلت حكومة لها صلاحيات والصلاحية تأتي من الرغبة الذاتية للحكومة  ومن الامريكان  لاننا لايمكن ان نتجاهل وجودهم فهم الذين يملكون السلطة الحقيقية في البلد حاليا  واناشدهم لان يفهموا بان بلدنا لايمكن ان يحكم من قبل حكومة لاتتمتع بالصلاحيات. لست اتكلم كسياسي فذلك ليس من اختصاصي وانما هذا هو الواقع الذي يعبر عنه المواطن الأعتيادي..

وبالنسبة لنا كمسيحيين انا ضد الهجرة كهجرة من حيث المبدأ.  سعادتنا واماننا يجب ان تكونا في بلدنا. نحن لسنا  مستوردين  ولا طارئين على العراق وانما نحن سكان البلد الاصليين مثلما غيرنا وهذا الظرف مهما كان قاسيا فهو  طاريء .  ان لم يكن لنا طول بال وقوة تحمل ستنهار دفاعاتنا النفسية كمسيحيين . وليس من صالحنا كمسيحيين ولا من صالح العراق ان  يخلو البلد من المسيحيين. مهما كانت الجالية المسيحية سعيدة وآمنة في السويد او غيرها من البلدان فهذا لايوازي  الأمان والسعادة على ارض الوطن اذا توفرا في حماية القانون والحقوق . الحل اذن ليس بالهجرة انما بالثبات والعمل على ان تسري قوة القانون.

كنتم انتم السباقين  وبعض المطارنة الاخرين من الطوائف الاخرى في تأسيس لجنة مطارنة الموصل  وعملتم باتجاه توحيد تسميتنا القومية ، وتبنيتم التسمية الموحدة (الكلدان الاشوريين السريان) وطالبتم بان يتضمن الدستور العراقي هذه التسمية الموحدة. ترى ماذا جرى لهذه اللجنة ولماذا نجحتم انتم وفشل الاخرون؟
في عام 2000 شكلنا مجلس مطارنة الموصل ليجمع مطارنة جميع الطوائف المسيحية في الموصل الكلدان، السريان الكاثوليك، السريان الارثدوكس، الاشوريين، الارمن واللاتين . ثم توسع المجلس ليضم مطارنة من خارج المدينة حيث انضمت الينا ابرشية القوش للكلدان وابرشية مارمتي للسريان الارثدوكس وتغير اسم المجلس الى مجلس مطارنة نينوى ليكون اشمل. هدفنا الاول هو تنسيق شؤ ننا الكنسية الرعوية وأنشطتنا الكنسية والثقافية المشتركة وتوحيد مواقفنا مع الجهات المدنية والرسمية عندما يتطلب ذلك . وبما ان ابرشياتنا متداخلة وشعبنا واحد وكنائسنا شقيقة وبتسميات مختلفة لا نتدخل في القضايا العقائدية التي تكاد لاتوجد بيننا فروقات . قبل التغير لم تكن هناك طروحات قومية ولم يكن هدفنا قوميا

وانما التنسيق في القضايا الكنسية ومع  الدولة.  وبعد التغير وضعنا امام حالة جديدة خاصة بعد ظهور الاحزاب القومية في الساحة المسيحية. تمنينا على الاحزاب القومية ان يجتمعوا على الكلمة الواحدة  وينسقوا مع بعضهم البعض. وكانت اول محاولة عملناها –  لا اذكر التواريخ –  أن جمعنا معظم الاحزاب القومية في بغديدا وطلبنا منهم ان يعملوا في خدمة المسيحيين ككل. لاحاجة في الدخول في معمعة الاسم لانها معروفة . انها مهمة ولكني لا اعطيها الاولوية .قلت كان يهمنا ان تنسق هذه الاحزاب مع بعضها وتتعلم أن تعمل معا فقدمنا المقترح التالي ( لو كل حزب كتب اهدافه بعشرة اسطر لاكتشفنا ان 80% من اهداف هذه الاحزاب متطابقة. لنعمل اذن في تحقيق المشترك وسيتبقى 20% هي خصوصية كل جهة سياسية ويمكن الاتفاق عليها اذا توفرت النية الصادقة.

دورنا في مجلس المطارنة لم يكن وليس تبني او تزعم او الأشراف على جهة معينة وانما خدمة الكل لجمع الكلمة. دورنا كان مساندة وليس تدخلا في التفاصيل . اما مايخص التسمية بما انهم لم يستطيعوا التوصل الى تسمية موحدة والمكونات الثلاثة موجودة( الكلدان السريان الاشوريين) اقترحنا تبني هذه التسمية .اليوم نحتاج الى العمل لمصلحتنا لمشتركة.السنا شعبا واحدا ولغتنا واحدة وارضنا واحدة ومصيرنا واحد ؟ لماذا نركز على خصوصيات طائفية. ان واقعنا اليوم يتطلب التكاتف وليس التشتت ونحن اساسا اقلية.نحن لم ولن نتدخل في عمل العلمانيين  ولكن لكل منا دوره في خدمة شعبنا. ويجب ان لايتقاطع عملنا وانما ان يكون  متوازيا كل بحسب طبيعة عمله. طبعا انا لا اتكلم باسم المجلس وانما باسمي الشخصي. ومجلس مطارنة نينوى مستمر بعمله واذا ما اتخذنا مبادرات في ظرف معين  فلقد اعتبرنا ذلك ضمن الخدمة الكنسية لرعاية شعبنا المسيحي

ارتباطا بسؤالي السابق( طالما نحن شعب واحد ودين واحد ) ماجرى في نينوى شيء مشرف لماذا لايجري تنسيق المواقف في المناطق الاخرى بين رؤساء الطوائف المسيحية خاصة ان لافروق جوهرية بين تلك الطوائف  مثل السريان الكاثوليك والكلدان الكاثوليك فهم حتى على مذهب واحد. ترى ماسبب التشرذم لماذا لانرى جهدا مشتركا بين رؤساء الطوائف ليكونوا سندا لشعبنا المسكين وقدوة حسنة لقادتنا السياسيين؟

انا اتكلم فيما يخص الموصل. علاقتنا جيدة جدا . اما التوحيد فهو بالارادات والخدمة وليس في الكيانات او الأنصهار ، لكل كيان الحق الاحتفاظ بخصوصيته وهويته الذاتية ولكن عليهم بتوحيد المواقف والأهداف لخدمة المجموع والعمل المشترك وغيرها وهذه هي الوحدة الحقيقية . علاقاتنا في الموصل ممتازة علاقتي مع مطران الكلدان والسريان الارثدوكس  والكنيسة الشرقية ايضا علاقة اخوة وصداقة. نحن ننسق مع بعضنا في كل شيء.

ولقد اقترحنا قيام  مجلس مشترك لجميع الكنائس في بغداد ولازال اقتراحنا قائما. ونشكر الله ان لقاءات تمت فعلا لقيامه نأمل ان تنجح المساعي . الواقع يفرض علينا التقارب والتنسيق اكثر من السابق . ارجو ان لاتفهموا الوحدة بذوباننا الواحد  في الاخر .
     وهنا اركز على الشأن الثقافي. اقترح ان يكون لنا مهرجانات ثقافية مشتركة.  قبل التغيير كانت الطوائف تتشارك في مهرجاناتها ومعارضها من دون اي حذر. البعض يتهم الكنيسة بانها هي سبب هذا التشرذم  وانا اقول بالتأكيد ليست الكنيسة . اليست هي التي حافظت على لغتنا وكياننا وخصوصيتنا وتراثنا على مدى أجيال وفي أقسى الظروف. أجل ان التأكيد على  توحيد الكنيسة  وأعيادها يبعث الثقة بين ابناء الشعب الواحد . وهنا اتبنى مقولة القديس اغناطيوس الآنطاكي  علينا ان لانعمل منفردين ما نستطيع عمله سوية . هذا واجب الكنيسة واعتقد على العلمانيين العاملين في السياسة  ان يعملوا بنفس الاتجاه.

يبدو جليا ان هناك تناقضا في المواقف بين العديد من رجال الدين المسيحيين ومن مختلف الطوائف  مما ينعكس بشكل ضار على مصلحة شعبنا القومية.
كل واحد مسؤل عن موقفه ولا اريد ان ادين احدا واتمنى ان يأخذ كل واحد موقعه ولا يتخطى مسؤلياته . هناك تأويلات لتصريحات البعض لم يقصد منها هذا البعض الاساءة لشعبنا. يجب ان يكون رجل الدين فطنا لكي لايؤول كلامه سلبا او يوضع في قالب من غير اختصاصه . اذا تخطى البعض الخط الاحمر فكل مسؤل عن ذاته.
   مارأيك حول الاراء التي تطالب بانشاء منطقة ادارة ذاتية في سهل الموصل للكلدان الاشوريين السريان؟

ندعو أصحاب هذا الطرح التمعن ودراسة الموضوع من جميع جوانبه ووضعه في اطار الوطن مع الأخذ بعين الأعتبار واقعنا الجغرافي والديمغرافي والأقتصادي والثقافي ومدى واقعية الطرح. ارى ان القانون اذا ساوى بين الجميع سيحافظ على حقوق الجميع. ان قانون اللامركزية والادارة الذاتية للمحافظات والمدن والقصبات  قد يكون كفيلا برايي بالحفاظ على حقوق المواطنين بشكل متساو. ما يهمنا هو ان يتمتع المواطن المسيحي فردا وجماعة بحقوقه  وواجباته كمواطن كامل الحقوق  كما غيره  وان تراعى الخصوصية الدينية  والقومية والاجتماعية والتاريخية من دون ان تؤثر هذه الخصوصية على القاعدة العامة في كوننا نحن جميعا ابناء وطن واحد. نحن لسنا بحاجة الى امتيازات وانما نحتاج الى حقوق تشعرنا باننا مواطنون مثلنا مثل الاخرين وليس مواطنين من الدرجة الثانية.

كيف تقييم استقبال حكومة اقليم كردستان لابناء شعبنا ومارايك بالهجرة العكسية لابناء شعبنا الى قراهم ومواطنهم الاصلية ؟

اقييم استقبال حكومة اقليم كردستان لابناء شعبنا بشكل ايجابي سيما في الظروف الأمنية الحالية. والعودة الى قرانا الاصلية شيء ايجابي  سواء كانت في اقليم كردستان اوفي المناطق الاخرى . نحن نشجع ان تتطور قرانا ومدننا المسيحية وان تتطور فيها الخدمات وتصبح قرى ومدنا عصرية بخدماتها وعمرانها وتحديثها ونشر كل قنوات الثقافة والمعرفة والعيش الكريم والسعيد فيها    ولكن مع حرية الاختيار.  انا لااستطيع ان الزم المسيحي الموجود في البصرة والمدن الاخرى العودة الى موطنه الاصلي الا بحريته . كما اننا نرفض سياسة التغيير الديموغرافي التي تستهدف اغراق مناطقنا المسيحية.  من حق المواطن العراقي ان يسكن اينما يريد  ولكن ليس على حساب الاخرين  وليس من حق الدولة توزيع اراضي  وبشكل جماعي لمواطنين من مناطق اخرى  والعمل على تغيير التركيبة السكانية  لمنطقة معينة  مثلما حدث في مناطق المسيحيين في ازمنة مختلفة  ومثلما حدث في بغديدا وبرطلة  والقوش وغيرها، حيث وزعت الالاف من الاراضي  على مواطنين من مناطق اخرى وحرم ابناء المنطة الاصليون .

تعددت وجهات النظر حول تشكيلة الحكومة العراقية الدائمة والتي اعطي فيها لشعبنا وزارتان  وان كانت تلك الوزارات هي حصة احزاب هي ليست (كلدانية اشورية سريانية)، ماهو موقف الاسقف جرجس ياترى؟

    شأن سياسي لا دخل لي به. ومع ذلك لم اتابع  الموضوع الا بقدر ما كنت اتوق ككل عراقي ان تنتهي الآزمة وتتشكل حكومة تأخذ زمام البلد . ولكني اقول اي مواطن مهما كان دينه او معتقده  يجب ان يعمل اولا من اجل مصلحة العراق ولا فرق بين من هو تابع لهذا الحزب او ذاك او كان مستقلا. وبالنسبة لمن تبوأوا وزارات من المسيحيين.. لايهمني ابدا ان كان الوزيران من الكلدان او الاشورين او السريانيهمني انهم يمثلون ابناء شعبهم سواء كانوا من الأحزاب او المستقلين. لا اتصور ان كل المسيحيين ينتمون الى الاحزاب : ربما نسبة واحد الى عشرة ،بل أقول أقل  ترى من يمثل اذن نسبة التسعة بالعشرة الباقية اذا كانت الأحزاب وحدها تتدعي انها تمثلهم. اني اعبر عن رايي بشكل مبدئي ولا يهم الى اية جهة ينتمون بقدر اهمية خدمتهم لشعبهم وهذا رايي الشخصي.


كلمة اخيرة.

اشكر موقعكم على اتاحة هذه الفرصة لنا لكي نتكلم مع قراء عنكاوة كوم وهو موقع مقرؤ ومقبول من كثيرين ونتمنى ان تكونوا منبرا للتعاون والتقارب  وللبناء و نتمنى ان يكون موقعا للم شمل المسيحيين و الناطقين  بالسريانية. نريدكم منبرا للاخوة والكلمة الصادقة  ولانريده منبرا للمهاترات والمواجهات والسلبيات. فالاعلام رسالة ولانه رسالة ينبغي ان لا تعتبر حرية التعبير قول اي شيء ومهما كان 4 5 7

أقدم حياتي من أجل السلام في العراق2005

مقابلة على تلفزيون النور/ تيلي لميير

مقابلة سيادة المطران الفاضل مار باسيليوس جرجس القس موسى

 يوم 8/12/2005

على تلفزيون النور/تيلي لميير 

تحدث عن مواقف من حياته الطفولة، الشباب، الرهبنة ثم الكهنوت والعمل مع كهنة يسوع الملك وتاسيس مجلة الفكر المسيحي، كتاباته ورغبته للكتابة للشباب وتشجيعهم نحو بناء المستقبل المشرق ومسيرته الان وهو اسقف ومسؤلياته نحو رعية من اكابر ابرشيات السريان وكانت عملية اختطافه وعودته الى رعيته وشعبه ومحبيه خبرة فريدة وجديدة من خبرات الحياة ومحطة من محطات حياته المتميزة بالصمود والايمان بالمسيح المخلص وهو القائل للخاطفين

اقدم حياتي من اجل السلام والامان في العراق لكي يعيش جميع ابنائه، مسيحيين ومسلمين سوية في سلام وامان ويضعوا ايديهم بايدي بعض ويبنوا هذا البلد معا لان هذا الشعب يستحق الحياة

لنشاهد ونسمع سيادته يتحدث لنا بهدوء وببساطة.

شهادة

عن حادثة الأختطاف التي تعرض لها المطران جرجس القس موسى

يوم الأثنين 17/1/2005 واطلاق سراحه في اليوم التالي الثلاثاء 18/1/2005

**  أقدم حياتي من أجل السلام في العراق *

ككل عراقي يمر بهذه الظروف الحرجة، كنت أتوقع أو أضع في حساباتي أن يحدث شيء لنا. وها قد حدث : هذا ما فكرت به عندما أرغمت على الصعود الى صندوق سيارة خاطفيّ مساء 17 ك2 2005 بأمر رجلين مسلحين خطفاني بعنف، بينما كنت خارجا من زيارة راعوية في حوالي الساعة الخامسة عصرا، في منطقة كنيسة البشارة في حي المهندسين بالموصل.

لقد ظننت في سذاجتي أنني بعد استيضاحات معينة لربما سيطلقون سراحي. سيما وان أحد الخاطفين، هذا الذي صوّب اليّ مسدسه مهددا بقتلي إن لم أذعن، لدى اختطافي قبل لحظات، كان قد قال لي بأنني سأخضع لاستجواب، وإذا ما ظهر أنني لست الشخص المطلوب، فسيدعونني وشأني. ولكن عندما ربطوا رجليّ ويديّ وعينيّ وفمي، وأفرغوا جيوبي، وتركوني هكذا وحدي طوال الليل ملقى على الأرض في غرفة واسعة باردة، مع تهديد بأن مصيري سيكون الذبح.. صرت أتوقع كل شيء.. ووضعت أمامي أسوأ الأحتمالات. وفيما كان يشدّ يديّ ورجليّ،

استذكرت بصورة عفوية المزمور الذي نتلوه كل يوم لدى تقدمة القداس :”كحمل سيق الى الذبح، وكنعجة أمام الجزاز كان صامتا”. وأخذت أستذكر المزامير الملائمة طوال الليل. وكان جوهر صلاتي طيلة الليل: يا الهي ألتمس منك ثلاثة أشياء : طاقة التحمل؛ النفس الطويل مع الرجاء؛ وأن أبقى هادئا الى الأخير. ولتكن مشيئتك . ورددت عدة مرات صلاة الأستسلام للأب دي فوكو، التي نتلوها نحن كهنة يسوع الملك كل يوم (يا أبت اني أسلم لك ذاتي، فافعل بي ما تشاء ..).

في اليوم التالي منذ الصباح الباكر، أخذوني من جديد في صندوق السيارة ونقلوني الى مكان تهيأ لي أنه دار ريفية. وهنا أيضا، أقعدوني أرضا ووثقوا يديّ ورجليّ بسلسلة معدنية، هذه المرة، وهددني مرافقي من جديد بالذبح، وأخذ ينفّذ خطته إذ جلس ورائي وأمسك رأسي بشيء من القوة وضغط بالسكين فعلا على عنقي، ووضع إناء أمامي للدم، وقال : “باسم الله”، كما يقولون عندما يذبحون دجاجة أو خروفا. وعندما رأيته مصرّا طلبت إليه، إذا لم يكن له بديل آخر، أن يسمح لي أن أصلي. فرفع السكين عني وتركني أصلي. فصليت بصوت عال : “يا رب، بين يديك أستودع روحي. أقبلني برحمتك. أغفر خطاياي. ولتكن مشيئتك”.

ثم قال لي الرجل اذا لم يكن لي شيء خاص أقوله لأهلي. فأجبته : نعم. – ما هو ؟ فقلت بصوت جهور أيضا : “أقدم حياتي من أجل السلام والأمان في العراق، لكي يعيش جميع أبنائه، مسيحيين ومسلمين، سوية في سلام وأمان، ويضعوا أيديهم بأيدي بعضهم ويبنوا هذا البلد معا، لأن هذا الشعب يستحق الحياة” وسكت

– أليس لك شيء آخر ؟

– كلا.

_ ألا تخاف ؟

– لا… لم أفعل ما يستوجب الخوف. وأضفت : … إذا لم يكن لديك حلّ آخر!

وعاد ليضغط بسكينه على عنقي. وعندما رأى أنني باق على هدوئي ولم أتحرك، رفع سكينه وابتعد عني قائلا:

_ لا … كلامك جيد . الأفضل أن نكسبك !

فجلس قبالتي على طبلة حديدية قائلا :

_ أتعرف لماذا لا نذبحك ؟ لأننا إذا ذبحناك ماذا سيحدث؟ سيوضع هذا المشهد على قرص. وأين سيذهب القرص؟ الى قناة الجزيرة.. ما معنى الجزيرة ؟ معناه أن آلاف الناس سيرون هذا المشهد _ وكان يلقي الأسئلة ويجيب عليها هو بنفسه، وأنا أصغي _ هذا المشهد لا نريد أن يراه المسيحيون، لأن لنا صلات بهم. وهنا تدخلت وأتممت الجملة بهدوء : ولأن بيننا خبز وملح، ولأن مصيرنا مشترك، وإننا شركاء في هذه الأرض التي هي أمنا جميعا!

 

وفجأة سألني : ما هو رأيك بالمجاهدين ؟

فأجبته بهدوء : إذا كان الجهاد في سبيل الله، فكلنا مجاهدون في سبيل الله. وإذا كان الجهاد في سبيل الوطن، فالأرض أرضنا والغريب يجب أن يغادر. ولكن كل واحد بأسلوبه الخاص…

ثم لحقت ذلك مناقشة متقطعة، هادئة من طرفي، ومفروضة عليه الى حدّ ما، حول صبر الله على الإنسان ليكسبه للتوبة، حول الضمير، ومعنى البتولية الكهنوتية والرهبانية، حول الأمانة الزوجية، ومعنى الحب الحقيقي بين الرجل والمرأة وأبعاد الجنس بين الزوجين كشهادة للحب، حول التربية في العائلة، حول البنوّة الإلهية للمسيح، بنوّة روحية لا جسدية… الخ. وكنت أنا الذي أثير هذه الفكرة أو تلك  انطلاقا من سؤال يطرحه. لم يبد لي مهتما بما أقول، ولكنه كان يصغي.

وفي هذه الأثناء كنت أعدّ نفسي لتبدلات في مزاجه. أما أنا فكنت أتهيأ لأمكانية التنفيذ الفعلي لتهديداته ولنهاية مأساوية. وكان الأمل الوحيد الذي بقي هو الزيارة المرتقبة “لأميرهم” كما أدلى مرافقي. وعلى الأرجح ستحكم “الشريعة”، كما قال، بالذبح، إذ لا فرق بين مسيحي ومسلم ورجل دين وغيره. وهذا عائد الى حكم “الأمير” وحده. وجاء “الأمير” أخيرا في نحو الساعة 11 ظهرا. وقبل وصوله كانوا قد عصبوا عينيّ من جديد.

وبادرني “الأمير” حال دخوله بقوله :

_لماذا كل الفضائيات مهتمة بك. وحتى هذا البابا يوحنا بولس يطالب بك!

في الحقيقة لقد ارتحت كثيرا في داخلي لهذا الخبر الأخير. فأجبته : أشكركم!

ثم كرر “الأمير” تهمتهم الأعتيادية “بالتعاون مع الأميركان” التي بدت لي مجرد قول لا بدّ أن يقال، وقد قالها بنبرة لا تنمّ عن قناعة. وبعد محادثة قصيرة مع “الأمير” حول هويتي وموقعي ومواقفي، أصدر أوامره بأن تعاد اليّ أشيائي وأن يعطوني التلفون النقال “ليتصل بأهله ويطمئنهم برجوعه”. في الواقع لم أطمئن. ومع ذلك أعادوا اليّ الخاتم الأسقفي وصليب الصدر ووضعهما لي مرافقي الأول نفسه بينما كانت عيوني لا تزال معصوبة. أما أنا، فما عدا الأحاديث المتقطعة التي كنت أتبادلها مع مرافقي، عندما يكون جالسا أمامي، فقد قضيت الوقت في الصلاة. وكنت في هذا اليوم الثاني من اختطافي أصلي من أجل الذين يصلون من أجلي. لأني كنت أتخيّل مؤمنين كثيرين وأصدقاء يصلون لأجلي في أنحاء العالم أجمع. وما سمعته عن ذلك بعد عودتي كان أكثر مما توقعت وتصورت.

وكانت قد جرت محادثات عبر “النقال”، على اقتراح من عندي، منذ الصباح بعد نقلي الى الموقع الجديد، بين خاطفيّ وكهنة المطرانية. وفي مكالمة تلفونية بين الخاطف و”الأمير” ، قبل مجيئه، كان قد تم الأتفاق أن يكون تحريري في الساعة 3 عصرا، ثم صار في الواحدة ظهرا لأسباب تتعلق بمواعيدهم. في الواقع أعادوني في 30و12 . ولكني كنت في الوقت عينه أفكر باحتمالين : أن يعيدوني مقتولا ومذبوحا (فلقد فعلوا ذلك مع غيري قبلي)، أو أن يعيدوني حيا حقا ويتركوني في موضع ما.

ولم أصدق بحقيقة تحريري إلا عندما وضعت رجليّ على الأرض، بعد أن أنزلوني في شارع مكشوف، وراء أحد الجوامع، بحسب الأتفاق.

وشعرت بالغربة في هذا الشارع الذي لم يكن فارغا تماما ولم أتعرف عليه لأول وهلة. فأخذت تاكسي متوجها الى دير في طارف المدينة للراهبات، حيث استدنت 1000 دينار من الحارس لأدفع أجرة التاكسي، لأنهم كانوا قد أفرغوا محفظتي مما كان فيها، الا مئة دينار فقط. وفي أثناء الطريق، اذ كنت متوجها الى الراهبات، سمعت راديو السيارة يعطي موجز الأنباء الأخير وهو يقول : “اختطاف المطران جرجس القس موسى في الموصل”. لم يكن مناسبا أن أعلن هويتي للسائق. وكان ذلك بعد أقل من 24 ساعة من اختطافي.

لماذا كل هذه القصة؟ لماذا كل هذه المأساة ؟

حتى الآن لا جواب لي على هذا السؤال. هل كانوا حقا يلاحقونني منذ أسبوع، كما قالوا؟ تهمة التعاون، على ما هي عليه من خطأ تام، هل كانوا جادين فيها؟ بل كنت أشعر أنهم يرددونها من دون قناعة، وفي كل الأحوال من دون أي استناد واقعي، ولا حتى إلحاح! هل كانوا يعرفون حقا من أكون؟ هل كانوا حقا يستهدفون إرهاب المسيحيين أكثر، ودفعهم الى مغادرة البلاد؟ هل كانوا مدفوعين بعوامل دينية متطرفة؟ لم ألاحظ شيئا على الجدران يوحي الى أية رموز دينية إسلامية. هل كانت صدفة أن أقع أنا في فخّهم؟ هل كانت ثمة دوافع سياسية؟ ما هي؟ فهم لم يحمّلوني أية رسالة. أن يكون في العراق تيارات أصولية إسلامية متطرفة حاقدة ضد كل ما ليس إسلاميا وأصوليا، هذا أمر لا شك فيه. وأن يكون هذا التيار، أو غيره ممن هم أقل تعصبا، قد خلطوا خطأ وظلما بين المسيحيين والأميركان، هذا أيضا أمر ممكن. ولكن من هنا الى المساس برموز دينية مسيحية رفيعة المستوى.. فهذه سابقة لم تحدث حتى الآن !

ان ما هو أكيد هو : لو انتهت القضية على سوء، أو طال أمدها، فلكانت قد ولّدت نتائج مدمّرة بالنسبة الى مسيحيي العراق. لكانت معنوياتهم هبطت الى الحضيض، ولفقدوا اتجاهاتهم، وأصيبوا بالرعب الذي يدفعهم الى هجرة مكثفة ومأساوية بالنسبة الى مستقبل حضورهم في هذا البلد . مع انه بلدنا قبل مجيء الإسلام في القرن السابع. الحمد لله أن القضية انتهت على هذا النحو، كما قال قداسة البابا يوحنا بولس الثاني لدى سماعه نبأ إطلاق سراحي بعد النداء المدوي الذي أطلقه فهز الكرة الأرضية هزّا. وبذلك صار العكس إذ ارتفعت المعنويات والأعتزاز عند المسيحيين، وعند أصدقائنا المسلمين أيضا، على السواء.

أما تحريري في حدّ ذاته، ومن وجهة نظري، فأعزيه الى قدرة الصلاة، والى قوة نداء البابا وهذا التكثيف الإعلامي العالمي الخارق والسريع. هل كان ثمة معجزة؟ ما هي العوامل التي لعبت دورها حقا لدى الخاطفين؟ الله وحده يعلم!

فمع شكري العميق لله، أضيف : ها هي خبرة جديدة رائعة وغير منتظرة أبدا عشتها وسأضيفها الى خبرات حياتي الأخرى. وإزاء حملة التضامن العالمي، والتكثيف الإعلامي حول كنيسة العراق، وتاريخها، ومصيرها، وتوحد قلوب المسيحيين حول هذه القضية بعفوية وصدق رائعين، داخل العراق وفي الشتات.. أقول أجل، إزاء كل هذا.. جاءت الخبرة في مكانها!

 

تحيات وشكر للرب ولكم 2005

كلمة شكرمن راعي الابرشية بعد اطلاق سراحه

تحيات وشكر للرب ولكم 2005 

من المطران جرجس القس موسى

إلى كافة المؤمنين في الموصل والعراق والعالم

الذين ساندوه وعاضدوه في الصلاة والدعاء في محنته

وهذه تحيات وشكر وجهها إلى كل المؤمنين بعد إطلاق سراحه

في 19/1/ 2005.

بعد عودتي إليكم أيها الأحباء ابناء وبنات كنيسة العراق والى أعزائي ابناء وبنات أبرشيات الموصل الأحباء وأبرشيتنا بمدنها وقراها بالذات، والى كل أصدقائي في أرجاء العالم بدءا من موقع شروق الشمس البعيد: في نيوزيلندا ثم استراليا والفيليبين وتايلاند والإمارات وسوريا والأردن وفلسطين ولبنان وتركيا ومصر والمغرب العربي واليونان وايطاليا وألمانيا وسويسرا والنمسا وهولندا واسبانيا وفرنسا ولوكسمبورغ وانكلترا وارلند والسويد وفنلندا والدا نمارك وروسيا والولايات المتحدة وكندا والمكسيك.. وحيثما تواجد ابناء العراق…

معكم أتوجه أولا بالشكر للرب على هبة الحرية التي أعادها إلي، وعلى استجابته صلاتكم ، وقد اجترح المعجزة المنتظرة. لقد شعرت، لاسيما بعد تحريري، ومن خلال المكالمات الهاتفية والرسائل الالكترونية على مواقع الانترنيت، لقد شعرت أن الكرة الأرضية بوجهها العراقي كانت مستيقظة معي وساهرة في الصلاة. وتخيلت أن الكنيسة كلها كانت تصلي من اجل بطرس في السجن، إلى أن حطم الرب قيوده فعاد إلى جماعة الذين كانوا مجتمعين يصلون من اجله.. يا للفرح!

الشكر لله.. الشكر لله.. الشكر لله!!!

ومن ثم آتي إلى شكركم جميعا واحدا واحدا، وواحدة واحدة وكنت أتمنى أن اذكر الكل بأسمائهم وأسمائهن. وجوهكم أتخيلها، وحتى الذين لا اعرف وجوههم، قلوبهم كانت قريبة من قلبي، لان كنيسة العراق كانت في محنة ثم عمها الفرح. أشكركم أولا على صلاتكم التي سندتني في أعماقي وطيلة المحنة، وأشكركم على هذا التضامن الرائع العالمي الشمولي، واشكر كل الذين اتصلوا أو أرادوا أن يتصلوا ولم يتمكنوا، من الأصدقاء والمحبين، المسيحيين والمسلمين، الذين أبو ألا أن يأتوا للزيارة الشخصية في الموصل. لا استطيع التعبير عن كل ما في أعماق قلبي من محبة وتقدير لكل هذا الحب الذي غمرني وقواني. حفظكم الرب في الفرح والنعمة والسلام وحفظ أولادكم وعوائلكم بكل خير. أرجو أن يجد كل واحد وواحدة هنا مع هذا الشكر قبلة امتنان عميق.

بهذه المناسبة أود أن اعبر عن شكري الخاص والبنوي لأبينا قداسة البابا يوحنا بولس الثاني الذي هز الكرة الأرضية بندائه وصلاته. ومن بعده أخذت وسائل الإعلام العالمية النبأ كصدى لصوت الحق والخير والمحبة.

اشكر نيافة الكاردينال موسى داؤد الطيب القلب لكل ما بذله، أطال الله عمره.

اشكر نيافة الكاردينال سودانو.

اشكر غبطة أبينا البطريرك مار عمانوئيل دلي لاهتمامه البالغ.

اشكر غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس بطرس عبد الأحد لاتصاله ومتابعته الشخصية.

اشكر ممثل قداسة البابا في العراق الذي كان أول من تلفن بسلامة العودة.

اشكر إخوتي الإجلاء الأساقفة في العراق وفي البلاد العربية وفي البلاد الصديقة… كلهم تحركوا وصلوا من اجل احد إخوتهم الصغار في ضيقه وكسبوا معركة الخير.

واشكر إخوتي وأعزائي الكهنة والتلامذة الاكليريكيين من كنيسة العراق الذين جميعا رافقوني بصلاتهم ومحبتهم.

واشكر أخواتي الراهبات اللواتي سهرن في الصلاة.

واشكر كل المجهولين الذين وحده الله عرف وسمع صلاتهم وباعوثتهم.

وتبقى كلمتي الأخيرة أن نرفع كلنا ادعيتنا ليعود السلام والأمان إلى ارض العراق وتعم الإخوة بين ابناء العراق، مسيحيين ومسلمين، وكل مكوناته الاجتماعية والدينية والقومية، ونعيش كإخوة شركا في هذا البلد ونضع أيدينا بأيدي بعضنا لنبني العراق الحبيب سوية، ونكمل مسيرة حضارة العراق.

ولكل قراء مواقعنا الانترنيتية، في الوطن وفي المهجر، الشكر، وبالتقدم أن شاء الله.

المطران مار جرجيس القس موسى لعنكاوا كوم2007

المطران مار جرجيس القس موسى لعنكاوا كوم


“72
ساعة المهلة التي حددها خاطفو القسيسين قبل تنفيذ حكمهم..”
عنكاوا كوم / مكتب سهل نينوى

الخميس، 18 أكتوبر، 2007

شهد العامان الأخيران عمليات قتل واختطاف وترهيب للمسيحيين في الكثير من

مدن ومناطق العراق، وطال هذا الاعتداء ليشمل رجال الدين هؤلاء الذين يحاولون

زرع السلام وتطبيع الوئام في عراقنا العزيز، إلا أن بعضاً من الحاقدين وعصابات

الشر طالما يحاولون بشتى السبل إقصاء أبناء الرافدين بمختلف طوائفهم وتمزيق

العراق لتحقيق مآرب شخصية ضيقة أو تبعاً لإيديولوجياتٍ عقيمة،

وها هم اليوم يخطفون اثنان من آبائنا الأفاضل من قساوسة الموصل السريان

 الأب بيوس عفاص والأب مازن يشوع،

اختطفوا وهم يؤدون واجبهم الرعوي، لقد أسروا يمامتين من سرب السلام، بربكم

أيها الخاطفون ماذا فعلوا الذين ينطقون بكلام الرب..؟ فلا حولَ ولا قوة لديهم غير الصلاة..
لمعرفة المزيد من تفاصيل هذا الحدث الأليم أتصلنا هاتفياً

 بسيادة المطران مار جرجيس القس موسى،

فكان صوته الشجي يدل على الألم والحزن الشديدين، وأخبرنا عن مستجدات

القضية قائلاً: “أن الأبوين بيوس عفاص ومازن يشوع مازالا مختطفين من قبل

جماعة مجهولة الهوية، وقد اتصلوا بنا (الخاطفون) مساء يوم أمس الأربعاء في

حدود الساعة التاسعة أو التاسعة والنصف، وأبلغونا أن القسين مازالا على قيد

الحياة، وأعطونا مهلة مدتها 72 ساعة ابتداءً من يوم أمس، وطلبوا منا فدية عنهما

(لم يحددها سيادته) وإلا نفذ بهما حكم الإعدام، ورغم مطالبتنا بالحديث مع القسين

إلا أنهم لم يسمحوا لنا بذلك..”،
أما عن تحرك الحكومة والجهات الرسمية في هذه القضية فذكر سيادتهِ:

 “الحكومة لم يبدي عنها أي شيء في ما يخص هذه القضية البتة ولم تحرك ساكناً،

ولم يتصل بنا أحدٌ من رجالاتها، حتى للاطمئنان أو لتقديم المواساة، ولكن عن أية

حكومة نتحدث..!! لكننا سنضل نرفع صلواتنا ونطلب من الباري عزّ وجل أن

يحفظ العراق والعراقيين، فنحن بحاجة إلى السلام وسندعو لتحقيق السلام، وسنظل

أمناء على بلدنا وغيورين عليه ولن يجد الحقد مكانناً بيننا مهما حصل، فنحن

المسيحيون نكن احتراماً شديداً للجميع، وما نرجوه بالمقابل هو ضمانٌ لحقوق

الآخرين، ونحن كلنا أملٌ بأن يعود السلام والحب إلى ربوع العراق العظيم، وأن

يفكر الجميع ببناء العراق..”


عسى وأن يفرج الخاطفون عن القسين اللذين نعلم أنهما لم يسيئا يوماً لأحد،

 سننتظر مصير اليمامتين،

فهل سيحلقان فوق أرض العراق أمِ في جنة الخلود.

المسيحيون في العراق يطمحون للعيش بسلام2007

اسقف الموصل: المسيحيون في العراق يطمحون للعيش بسلام

في مقابلة مع احدى وكالات الانباء الفرنسية

يوم28/11/2007


   اعلن اسقف الموصل لطائفة السريان الكاثوليك المونسينيور جرجس القس موسى الثلاثاء في باريس ان المسيحيين الذين لا يزالون يعيشون في العراق يطمحون قبل كل شيء “للعيش بسلام وان يتم الاعتراف بهم كمواطنين كاملي الحقوق“.
واضاف القس موسى في حديث لوكالة فرانس برس ان”قولا لاتينيا مأثورا يقول الفلسفة بعد ضمان البقاء. اليوم لا يطلب المسيحيون تولي رئاسة دولة او رئاسة وزراء او رئاسة اركان. انهم يريدون فقط العيش بسلام وان يتم الاعتراف بهم كمواطنين كاملي الحقوق“.

وقال ان”المسيحيين مواطنون اصليون ويعود وجودهم في بلاد ما بين النهرين الى الفي سنة. لقد تعبوا من اضطرارهم دائما الى اظهار هويتهم وتبرير وجودهم في العراق”. وقال اسقف مدينة الموصل (370 كلم شمال بغداد)

الذي يزور باريس في اطار حلقة نقاش حول مستقبل مسيحيي الشرق ان نحو 200 الف مسيحي من اصل 800 الف فروا من العراق منذ الغزو الاميركي في 2003.

واوضح ان نصف مسيحيي الموصل، عاصمة محافظة نينوى، غادروا هذه المدينة. واوضح”يزعمون ان الوضع الامني تحسن في العراق لكن الوضع لا يزال شديد التوتر في الموصل” حيث غالبية السكان من العرب السنة. واكد ان اعمال العنف تطال كافة الطوائف لكن المسيحيين يشعرون بانهم مستهدفون اكثر بما انهم اقلية. وقبل شهر خطف كاهنان لمدة تسعة ايام وفي حزيران/يونيو 2007 قتل راعي كنيسة الروح القدس في حي النور وسط الموصل وثلاثة شمامسة بالرصاص قرب الكنيسة. وفي كانون الثاني/يناير 2005 خطف القس موسى لمدة 24 ساعة.

وردا على سؤال حول العلاقات بين الطوائف تحدث القس موسى عن مشاعر الخوف والارتياب. وقال “تحول اصدقاء الامس الى جيران لا يثقون ببعضهم البعض. والعلاقات بين الطوائف سطحية في احسن الاحوال”. واضاف ان”القيم تغيرت منذ تدخل القوات الاميركية في 2003“.

وقال انه بصورة عامة “اصبحت الامور رهنا بالديانة والاعراق، بين عرب واكراد ومسيحيين. شكلنا قوميات ولم يفلت احد منها” معربا عن اسفه لان تكون الطائفة المسيحية منقسمة الى حركات سياسية وعدة كنائس .

ومضى يقول”كل طائفة شعرت في وقت من الاوقات بانها حرمت من حقوقها. بالامس الشيعة والاكراد واليوم السنة والمسيحيون. ويحاول كل طرف ان يثبت وجوده اجتماعيا وطائفيا”. وخلص الى القول”المشروع الديموقراطي الحقيقي يكمن في ايجاد قاسم مشترك لكن هذا الامر مستحيل في الوقت الراهن .

 

طروحات التقسيم للمنطقة المشرقية.محور2013/1

حوار مع المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى

اجراس المشرق – المحور الاول

طروحات التقسيم للمنطقة المشرقية ، معاهدة سايكس بيكو

اجراس المشرق

المحاور: مساء الخير.

أينع السريان علما ومعرفة وفلسفة وموسيقى. حزن السُهوب في مجامرهم، وفرح الفرات ودجلة في قصائدهم. ورثوا آرام وعنفوانها وجمال لغتها، وسَرْيَنوا الجغرافيا واللحن والقصيدة، ثم انقلب الدهر فشرّدهم. ليس الدهر فقط، ولكن التُرك والجهل والمجازر جعلتهم يتركون ألمهم لونا في هذا المشرق. في الجزيرة العليا، في الرها وأكنافها، في ما بين النهرين وسورية، تركوا اسما ولغة وقدّيسين، تركوا دما وحجرا. ماذا تخبّئ لهم الأيام والجغرافيا والتطرّف؟

أجراس المشرق تحاور مطران الموصل سابقا، والمعاون البطريركي للسريان الكاثوليك في بيروت، جرجس قس موسى في كل هذا وفي ملامح الضوء.

قبل الحوار صورة شخصية للمطران قس موسى:

hqdefault

وُلد المطران جرجس قس موسى عام 1938 في بلدة قراقوش، أكبر البلدات المسيحية في العراق، شرق الموصل. واسمها الآرامي القديم بخديدا. تلمذ للآباء الدومينيكان ورُسم كاهنا عام 1962.

ساهم في تأسيس جماعة كهنة يسوع الملك للحياة المشتركة بين الكهنة عام 1964، ومجلة الفكر المسيحي التي ترأّس تحريرها. ثم درّس وأدار إكليريكيّة دير الشرفة في لبنان بين 1964 وـ1966. كما درّس في معهد مار يوحنا الحبيب ومركز الدراسات الكتابية للعلمانيين بالموصل حيث خدم معظم حياته الكهنوتية الناشطة. وهو أحد مؤسسي كاريتاس فيها.

عمل في سكرتاريا البطريركية السريانية الكاثوليكية في بيروت عام 1968. ونال الماجستير بعلم الاجتماع من جامعة لوفون في بلجيكا عام 1979.

عُيّن قاضيا في المحكمة الكنسية المشتركة للمنطقة الشمالية بين عامي 1996 وـ1999 حين رُسم مطرانا وعُيّن رئيسا لأساقفة الموصل وتوابعها حتى عام 2011. فأسّس مجلس أساقفة نينوى وانتُخب معاونا للأمين العام لمجلس رؤساء الطوائف المسيحية في العراق عام 2010.

تسلّم عددا كبيرا من المسؤوليات في الكنيسة وأقام احتفالات وتجمّعات ثقافية في كنائس نينوى وأديرتها. وعُيّن معاونا بطريركيّا في بيروت عام 2011. ومثّل كنيسته في مؤتمرات ومجالس ومنظمات مسكونية. كما حضر مؤتمرات وألقى محاضرات حول العالم.

له العديد من الكتب تأليفا وتعريبا، منها: بحثتُ ووجدت، وـعلى دروب الناصرة، وـإخوتي جميع البشر.

يتقن السريانية والعربية والفرنسية.

المحور الأول

المحاور: أهلا بكم.

سيادة المطران جرجس قس موسى، أهلا بك في “أجراس المشرق“.

سأبدأ من حيث أنت، من العراق. وأنت كنت رئيس أساقفة الموصل، وما تعنيه الموصل من هذا الحضور البهيّ في تاريخ هذه المنطقة من العالم. والآن معاون بطريركي للسريان الكاثوليك في بيروت على ساحل المتوسط.
ألا تعتقد، بطريقة أو بأخرى، وربما من غير قصد، لا أعرف، أن المسيحيين المشرقيين قد طعنوا سايكس-بيكو؟؛ بمعنى أنهم لم يعترفوا بتقسيمات سايكس-بيكو؟ ما رأيك بالفكرة؟

المطران قس موسى: أتجاوز كلمة سايكس-بيكو حتى أقول: شعوري دائما منذ أول زيارة للبنان سنة 1961، وكنت لا أزال تلميذا، أن الأراضي هذه هي وحدة جغرافية وتاريخية. فمن الموصل إلى بيروت مرورا بحلب ودمشق وحتى القدس، فكنّا نشعر أن هذه الأرض موحّدة بعناصر كثيرة: مطران من الموصل يتولى رئاسة أسقفية حلب، من ماردين يأتي إلى بغداد، من بغداد إلى الشام، من الشام مرة أخرى إلى ماردين أو إلى الموصل. فهذا شعورنا، وما زال بهذا الاتجاه.

المحاور: قبل أن أذهب إلى سؤال آخر، أريد أن أذهب إليك شخصيا. أعتقد أن المشاهدين لا يعرفون أنك مطران واعتُقلت، لكن لـ24 ساعة. هل أنهم لم يستطيعوا احتمالك أكثر من 24 ساعة عندما اعتقلوك؟

المطران قس موسى: هذه العبارة لغبطة بطريركي مار يوسف الثالث يونان. في الحقيقة لا أعرف إذا كانت في نيتهم أن أبقى أكثر من 24 ساعة، وماذا كانت أهدافهم. ولكن ما أعرفه أنه في سنة 2005 في وضع مضطرب جدا في الموصل كنا نضع في تخيّلنا أو في تصوّراتنا أو في الإمكانات أنه في يوم من الأيام سنخضع لهذه التجربة. ولَقِيَني في نهاية زيارة رعوية مسلّحان وأجبراني على النزول من سيارتي. كنت مع سائق المطرانية، وحدنا. الساعة الخامسة، وقت العودة إلى المطرانية، كان هذا نوعا ما الوقت المتأخر للبقاء خارج البيوت. وفي الفترة هذه لم أعرف بالضبط ما الأهداف. فكنت ألاحظ هل هي تهَم سياسية: أنت متعاون مع الأميركيين؛ تهمة عادية ليس لها طعم ولا لون. والذي يتّهم بتهمة كهذه يجب أن يقدّم على الأقل بعض البراهين أو الصور أو أنني كنت معهم في الوقت الفلاني. لا أبدا. تهمة دينية: أسئلة تقليدية بين مسلم ومسيحي أن يسأل الأول للثاني، المسلم يسأل المسيحي: لماذا تعتبرون المسيح ابن الله؟ هل لله زوجة؟ وإلى آخره من هذا الحديث الاعتيادي جدا. أو لماذا القساوسة لا يتزوجون.

المحاور: سأعود معك إلى منطلق ما بدأت به. هل تعتقد فعلا أن تقسيم المنطقة في بدايات القرن الماضي ساهم فعلا في شرذمة المسيحيين فيها؟

المطران قس موسى: حاليا أنا في حالة قراءة كتاب لهذه الفترة بالذات من التاريخ حين المسيحيون والأشوريون تحديدا كانوا يركضون وراء العودة إلى وطنهم هكّاري في جنوب تركيا ثم تشرّدوا في العراق، وفي النهاية تشرذموا..

المحاور: أي إقليم ماردين “الأوسرون” أو الرها.

المطران قس موسى: نعم.

المحاور: الاسم الحالي هكّاري.

المطران قس موسى: نعم. حتى أرجع إلى الاسم القديم أيضا هكّاري أو حقّاري. هذا مطران اسمه مطران حيقاري. فقصدي أنه في هذه المنطقة الجغرافية كان المسيحيون في أرضهم، في أوطانهم وفي بلادهم التاريخية وفي وحدة جغرافية متقاربة. مع أقليات أخرى، نعم، ولكن قريبون إلى بعضهم البعض. فحين حصل التقسيم هذا بهذه الحدود الحالية التي تسمى اتفاقية سايكس-بيكو بين بريطانيا العظمى وفرنسا، الحقيقة أن ما تحكّم بهذا التقسيم لم تكن الشعوب وإنما كانت المصالح؛ المصالح السياسية والمصالح الاقتصادية خصوصا أن رائحة النفط شُمّت في المنطقة هذه. النفط هو نعمة ولكنه يمكن أن يصبح نقمة. على كل حال، هذا التقسيم قسّم الشعوب المسيحية إلى عدة بلدان. وحتما ساهم في شرذمة الأفكار وشرذمة الشعوب، لا بل شرذمة الأسرة ذاتها.

المحاور: الآن هناك كلام جديد بعد ما يسمى بالربيع العربي أن هناك تقسيمات جديدة. نحن في العراق أمام كلام عن كونفدراليات، عن كردستان لوحدها، الوسط لوحده، الجنوب لوحده. والآن ثمة كلام عن تقسيم سورية. ودائما في الأزمات يخرج إلى العلن الكلام عن التقسيم. ما تداعيات تقسيمات كهذه، لا سمح الله إذا حصلت، على الحضور المسيحي والإسلامي معا؟ ليس المسيحي فقط.

المطران قس موسى: إذا لم يكن ثمة اعتراف بالثقافات المختلفة والديانات المختلفة والشعوب المختلفة التي تشكّل هذا الوطن، فسنبقى في دوّامة التقسيمات وفي دوّامة كسر وحدة الأمّة وفي دوّامة كسر إرادة الشعوب، ولن نتوصّل إلى توحيدها بأي شكل من الأشكال إلا بالاعتراف وبإعطاء حقوق لهذه الوحدات التي تشكّل.. التي نسميها اليوم الأطياف.

المحاور: هل هذه الشعوب فعلا تريد الوحدة؟

المطران قس موسى: أؤكّد لك بالنسبة لي كعراقي والشعب العراقي: مسلم، سني، شيعي، مسيحي، يزيدي، شبكي، بالنسبة للمسيحيين من كل الطوائف، كلنا نحبّ العراق، وكلنا نحب أن نكون مواطنين في هذا البلد. سنة 2000 ذهبت للمرة الأولى إلى اليونان: شباب هارب من العراق. ما جذبني أن الشباب يحملون خارطة العراق من ذهب كأيقونة في أعناقهم.

المحاور: هو في اليونان ويحمل أيقونة. إنه نوع من الحنين والشعور العاطفي. ولكن هو موجود مادّيّا في بلاد أخرى غير بلاده. لماذا يهاجر؟ من يسمح له بالهجرة؟

المطران قس موسى: أستاذ غسان، في الحرب الأهلية اللبنانية كم من الناس أُرغموا على هجرة قراهم أو بيوتهم. إذا كانت هناك قذائف –لا سمح الله—على بيتك وهناك ضرب مستمر وحياتك في خطر، ماذا تفعل؟ هل تترك المنطقة أو لا؟ فوضعنا هو هذا. هؤلاء الشباب أؤكّد لك أنه ليس كلهم ذاهبين بالهلاهل والتصفيق إلى خارج البلد. أُرغموا على ترك البلاد. نعم، هناك مَن يستهوي الغرب. هذا أحد العناصر. نعم، هناك مَن يحب التنقّل والتغيير. نعم، الهجرة كانت واقعا موجودا في التاريخ. ولكن ما هي دوافع الهجرة؟ ما هي أسباب الهجرة البعيدة والقريبة؟

المحاور: أنتم كنيسة لها علاقة بالفاتيكان مباشرة، بالكرسي الرسولي مباشرةً. ماذا يقدّم لكم الفاتيكان للبقاء في هذه الأرض؟

المطران قس موسى: الفاتيكان لا يقدّم لنا شيئا.

المحاور: يتفرّج عليكم كيف تهاجرون؟

المطران قس موسى: لا، العفو. أميّز بين الكنيسة الكاثوليكية والكرسي الرسولي والفاتيكان كدولة. فلا نستطيع أن نتكلم على الفاتيكان وكأن مرجعنا هو الفاتيكان. مرجعنا هو الكنيسة والكنيسة الكاثوليكية. نحن السريان، قسم من السريان اتّحدوا بالكرسي الرسولي الروماني ككنيسة كاثوليكية، لم يفقدوا أي شيء لا من خصوصيتهم الليتورجية الطقسية ولا من تاريخهم ولا من تقاليدهم ولا من لغتهم ولا من كيانهم الكنسي. إذاً، إذا كنت أنتظر شيئا من الفاتيكان كدولة تمثّل كنيسة كاثوليكية أي مرجع روحي هو أن يُسندوا قضايا العالم الثالث تجاه حقوق الإنسان، تجاه حقوق الشعوب، تجاه العدالة، تجاه التعايش بين منتسبي الأديان المختلفة. أن يصبّوا في هذا. أمّا أن أنتظر من الفاتيكان الخلاص، فالخلاص من الداخل.

المحاور: أشكرك. أعزائي، نتوقف مع وثائقي قصير عن اللغة السريانية وتطوّرها، ثم نعود لمتابعة هذا الحوار مع المعاون البطريركي لبطريركية السريان الكاثوليك في بيروت المطران جرجس قس موسى، بعد الفاصل:

السريانية لغة مشتقّة من الآرامية التي ظهرت منذ الألف الأول قبل الميلاد. وباتت منذ القرن السادس منه لغة التخاطب الوحيدة في الهلال الخصيب. واكتسبت اسم اللغة السريانية في القرن الرابع الميلادي مع انتشار المسيحية في المشرق. فنُقلت إليها الكتب المقدّسة واللاهوت والفلسفة والخطابة والشعر والنحو والتاريخ والمنطق.

استخدمها رجال دين مسيحيون، عرب وفرس وأرمن وتُرك، في كتاباتهم. وصارت اللغة الطقسية لقبائل منغولية متنصّرة ومسيحيي كاريلّا في جنوبي غربي الهند.

تُقسم إلى لهجتين وأبجديتين متقاربتين: السريانية الغربية نسبة إلى غرب نهر الفرات، والشرقية نسبة إلى شرقه، وبنوع خاص للرها حيث نشأت أولى المدارس السريانية وحُفظت بها كتابات وتراث الكثيرين من آباء الكنيسة.

تلاقت مع العربية جرّاء الهجرة والتبادل التجاري والثقافي بين المشرق وشبه الجزيرة العربية، وعلى نحو واسع بعد مدّة من قيام الدولة الأموية. فقد ظلّت لغة الدواوين وهيئات الدولة حتى عهد عبد الملك بن مروان حين عُرّبت الدواوين. لكنها ظلّت لغة التخاطب في القرى والمدن حتى القرن الثاني عشر حين سيطرت اللغة العربية بين أغلب سكّان المشرق، وحلّت لغة كتابة في مدن العراق الوسطى منذ القرن الثالث عشر. في ما بقيت السريانية لغة التخاطب بين الموارنة حتى القرن السادس عشر. ويبدو تأثيرها واضحا في اللغة المحكية في بلاد الشام وفي أسماء الكثير من الأماكن والقرى. تُستخدَم حاليا في المناطق ذات الكثافة السريانية في العراق وسورية حيث لا تزال بلدة معلولة تتكلّم الآرامية لغة السيد المسيح، وقرى أخرى قربها تحوّلت إلى الإسلام.

تتألف الأبجدية السريانية من 22 حرفا، تُجمع في ست كلمات: أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت. وتُكتب من اليمين إلى اليسار، وتُعدّ اللغة الأم للأشوريين والسريان والكلدان.

المحور الثاني

وضع السريان في العراق.محور3/ 2013

حوار مع المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى

اجراس المشرق – المحور الثالث

وضع السريان في العراق، الهجرة والتهجير، ومقوّمات الصمود

اجراس المشرق

المحاور: أهلا بكم من جديد في “أجراس المشرق“.

سأعود أنا وإياك إلى العراق. الجميع، أعتقد، يعرف ماذا حلّ بالسريان في ما كان يسمى سابقا الأوسران أي الرها، وفي مدن الطين تلك، وأن السريان قد نزحوا. ولكن الآن في العراق، في هذا الوقت المعاصر، فعليا ومن دون “مكياج، ما هو وضعكم كسريان هناك؟

المطران قس موسى: حقيقة إذا تسمح لي أن أتجاوز السؤال بوضع كلمة مسيحيين بدل السريان في هذا الباب بالذات؛ لأن مصيرنا، مصير السريان والكلدان والأشوريين، المسيحيين عموما، وإذا انتقلنا إلى سورية وإلى لبنان، الموارنة والروم، مصير واحد. فأرجع إلى العراق، إلى حدود العراق من جديد. مصيرنا واحد في مستقبلنا

المحاور: والأرمن أيضا.

المطران قس موسى: والأرمن. توقفت لأنه من الناحية الثقافية، من الناحية السياسية

المحاور: كانوا معكم في المذابح.

المطران قس موسى: من الناحية التاريخية هناك تميّز. لكن المصير واحد. نحن عشنا قرونا طويلة في هذا البلد، العراق. هناك كنيسة سريانية، هناك كنيسة كلدانية، هناك كنيسة أشورية أو بالأحرى شرقية، ومتعايشون مع بعضنا البعض كمسيحيين. اختلاف الطقس هو اختلاف ثقافي وليس اختلافا تاريخيا. هذا الاختلاف بالنسبة للوجه الآخر أو للطرف الآخر لا ينظرون إلينا كسريان أو ككلدان أو كأشوريين إنما كمسيحيين. فوحدتنا في الدفاع عن مصيرنا وعن مستقبلنا، ووحدتنا في عيش مسيحيتنا، ووحدتنا في المطالبة بحقوقنا هي واحدة لا تختلف بين السريان والكلدان والأشوريين. اليوم، وخصوصا منذ سنة 2003، خصوصا أقول

المحاور: بعد مجيء الأميركيين.

المطران قس موسى: خصوصا بعد الاحتلال الأميركي، أرجع من بعدُ إلى المرحلة السابقة، مُنينا بنكبة وباضطهاد مباشر من فئات مختلفة، بأسماء مختلفة، بغطاءات مختلفة. النتيجة واحدة أنهم ضربوا القطيع كوحدات، كأفراد، كجماعات. كنا في السابق نقول: ضربوا مسيحيين. المسيحيون يهاجرون، المسيحيون ذاهبون. اليوم أصبحت قضية المسيحيين العراقيين قضية عالمية. وأعداد الذين تركوا العراق من المسيحيين أعداد، بالنسبة لنسبتهم وعددهم الكلي، هي نكبة. حين تفقد 50 بالمئة من شعبك مع أمل واحد بالمئة أن يعود أحد منهم فهذه نكبة كما حصل في جنوب تركيا بعد الحرب العالمية الأولى وبالأحرى في غضون الحرب العالمية الأولى. الناجون نزلوا إلى شمال سورية ثم إلى شمال العراق، إلى الموصل، إلى سنجار، المناطق هذه التي استقبلت أيضا أعدادا من جنوب تركيا. فنحن اليوم مهدّدون بالانقراض إذا لم تكن ثمة معالجة سياسية أمنية اقتصادية ثقافية وكنسية أيضا.

المحاور: في السابق، كما يتّضح من حديثك، كان التهجير بالذبح: اذبح فتهجِّر. الآن يبدو أن التهجير بالترهيب أو أنه بالذبح أيضا؟

المطران قس موسى: أضيف إليه الترهيب والتهديد. أي أنني حين اختُطفت، أول ما فكّرت فيه: هل في الحقيقة أنا المستهدَف شخصيا؟

المحاور: أو رعيّتي؟

المطران قس موسى: أو رعيتي؟ اضرب الراعي فتتبدد الرعية. فاليوم حين تُضرب كنيسة بسيارة مفخّخة أو بهجوم مباشر، فالنتيجة الأولى ما هي؟ نتردد أو لا نذهب بعدُ إلى الكنيسة، إذا ضُربت الكنيسة. إذا عائلتان أو ثلاث أو أربع فُجّرت بيوتهم أو اختُطفوا أو قُتلوا، الباقون يحتاطون فيخرجون. فهذا ما حدث لنا في بغداد. بغداد تقريبا فرغت من مسيحييها. فاليوم لا يوجد في بغداد 15 بالمئة من المسيحيين الذين كانوا قبل عام 2003. الموصل لا يوجد فيها 30 بالمئة من المسيحيين الذين كانوا موجودين قبل 2003، مع أن الموصل تُعتبر عاصمة مسيحية للأديرة، للكنائس، للثقافة، للمطابع الأولى، المدارس الأولى، المعاهد الكهنوتية الأولى، المياتم الأولى. كل الأنشطة المسيحية الأساسية كانت في مدينة الموصل. وحتى الجاليات المسيحية إلى بغداد وإلى البصرة جذورها القريبة هي من الموصل وضواحيها.

المحاور: في عهد صدّام حسين، على الرغم من القساوة، بقي الكثير من المسيحيين في العراق. الآن في مرحلة ما بعد صدام حسين، ما بعد البعث في العراق، هل هذه الحكومات تقدّم لكم شيئا أو مساعدة للبقاء والحفاظ على حضوركم؟ أو أنه، كما قلت، قريبا قريبا بطيئا بطيئا لن يبقى؟

المطران قس موسى: أول ما قدّم لنا صدام حسين، وأول ما قدّمت لنا الحكومات المتعاقبة، غمرونا بالفلوس.

المحاور: أنتم أغنياء.

المطران قس موسى: لا تستغرب هذا. غمرونا بالفلوس. ولكن لقاء بناء كنيسة.. أنا أشكر السلطات والمسؤولين الذين يساعدوننا في ترميم كنائسنا، بالتأكيد. هذا أمر إيجابي بحد ذاته. ولكن بدلا من أن يبنوا لنا كنيسة، أريد أن يعدّلوا لنا قانونا واحدا مجحفا بحق المسيحيين.

المحاور: ألا وهو؟

المطران قس موسى: مثلا: حين يعبر أحد الأبوين إلى الإسلام لأي سبب كان، هو المسؤول عن سببه، لماذا يُحكم على الأولاد القاصرين أن يتبعوا الطرف الأفضل كما يقول القانون؟ ولماذا يكون الأفضل؟ الذي ينكر دينه هل هو الأفضل؟ الذي من أجل زواج بامرأة يخون أهله، يخون أولاده وعائلته؟

المحاور: هذا خيار ربما، ليس خيانة.

المطران قس موسى: خيار له، خيار له.

المحاور: ولكن ليس لأبنائه.

المطران قس موسى: القانون الثاني مثلا: طالب واحد مسلم في المدرسة يحق له أن يتعلم دينه رسميا، درس دين. أمّا المسيحيون فيجب أن يكونوا أكثر من 51 بالمئة على عموم المدرسة وليس حتى على عموم الصف. لماذا؟

المحاور: إذاً هناك تمييز.

المطران قس موسى: حين تأتي الحرب أو الضرائب، أنا المسيحي لا يُطلب مني. إذا كنت مسيحيا فلا تشارك في الحرب. أنت عراقي، شارك في الحرب، تلبس جندية، تدفع ضرائبك. أما في الحقوق فأنا أُسأل أنا من أي دين. هذا يستوجب إذاً من الجذور، قبل صدام، وفي وقت صدام، وفي الحكومات المتعاقبة اليوم، يجب أن تتبدّل القوانين ويجب أن يتوجه الإعلام إلى ثقافة المحبة.

المحاور: بماذا تطالبون تحديدا؟

المطران قس موسى: نطالب بحقوق متساوية.

المحاور: مواطَنة.

المطران قس موسى: مواطنة آمنة ومتساوية مع البقية. لماذا لكوني أقلية، أنا اليزيدي، أنا المسيحي، أنا الشبكي، أنا الصابئي..

المحاور: التركماني.

المطران قس موسى: التركماني، تكون لي حقوق أقل لكوني من دين آخر. لماذا؟ اليوم يأتينا التركي ويسكن العراق فيُعتبر مواطنا عراقيا مئة بالمئة. وأنا الذي أصبح لي ألفا سنة ساكنا في العراق قبل الإسلام بـ620 سنة أُعتبر وكأنني دائما دخيل أو غريب أو موالٍ للغرب. مَن الذي استقبل الأميركيين في بغداد أو في الموصل؟ أتحدى مَن يثبت لي اسما مسيحيا واحدا. هم الوجهاء وهم القادة..

المحاور: ومنهم رؤساء عشائر.

المطران قس موسى: نعم. والذين ما زالوا يتعاملون.

المحاور: أنا هنا أريد أن أسألك أيضا في هذا الموضوع: ما هي العلاقة بينكم وبين المكونات الإسلامية في العراق؟

المطران قس موسى: هناك علاقة على ثلاثة مستويات: المستوى الشعبي، مستوى الوجهاء، ومستوى القيادات.

على مستوى الشعب: كلٌّ على دينه، وكلٌّ احترم الثاني من دون مناقشة ومن دون محاججة. اترك الإنسان على طبيعته تَرَه جيّدا صالحا. ولكن اترك مَن يغسل دماغه بتوجيهات ويعتبره كافرا، سيرتكب أكبر الجرائم وبضمير مرتاح.

المحاور: وعلى مستوى القادة؟ تفضّل.

المطران قس موسى: على مستوى الوجهاء والناس المعتبَرين في المدن، كانت ثمة زيارات متبادلة وصداقات متبادلة وحتى مصالح متبادلة. كثيرا ما يقال: خذ لك شريكا مسيحيا أمينا. وكثيرا أيضا ما كان المسيحي الذي له مشاريع واستثمار يريد أن يكون له مسلم شريكا. واحد يسند الآخر. وكان يأتينا وجهاء المدينة ويزوروننا في الأعياد والمناسبات ونذهب لزيارتهم حتى داخل البيت.

المحاور: وعلى صعيد القادة؟

المطران قس موسى: على صعيد القادة، تصريحات ليس أجمل منها. كلما تأتينا ضربة في العراق تأتي الخطابات الرسمية: أنتم لا أفضل منكم، أنتم الورود الضرورية للحديقة العراقية، أنتم قبل الإسلام، أنتم أنتم. إذاً غيّروا لنا قانونا واحدا، كما قلت، مجحفا. اعطونا برنامجا تلفزيونيا أو تربويا يدعو إلى هذه الثقافة؛ الاحترام المتبادل. هؤلاء مواطنون معكم يا جماعة، يعيشون معكم، وتبنون البلد. المسيحيون في سورية، في لبنان، في العراق، وفي الأردن وغيره، مصر كذلك، ساهموا منذ بداية الإسلام في تكوين ما نسميه الحضارة العربية الإسلامية، ثم في تشكيل القيادات أو الحكومات الوطنية. أيضا أسماء مسيحيين غير قليلة ساهموا في بناء الأوطان المعاصرة. ولعلمك، معظم مؤسسي الأحزاب القومية..

المحاور: نعم، هم مسيحيون.

المطران قس موسى: كانوا مسيحيين.

المحاور: أعزائي، عندما تأخذ العتمة المجتمعات تبدأ بنسيان تاريخها، تهمل لغتها، تسلّع موسيقاها، تهجر أشعارها، تبيع انتماءها. المشرق يحتاج إلى قراءة جديدة للتاريخ ولمكوناته وللعلاقات الناظمة في ما بين من بقوا فيه.

على أمل هذا، شكرا للمعاون البطريركي لبطريركية السريان الكاثوليك في لبنان ورئيس أساقفة الموصل سابقا المطران جرجس قس موسى على حواره معنا واستضافته لنا في كنيسة البطريركية في بيروت.

شكرا للزملاء في “الميادين” على جهودهم الأسبوعية وإنجازهم “أجراس المشرق” بكل محبة.

وـسلام عليكم وـسلام لكم

hqdefault.

الراعي والاعلام

بيت خشبيالراعي والاعلام

المطران جرجس القس موسى ينتقد الفشل الامني للحكومة

girgis_al_qis_mousa_24022010

24/2/2010

قال رئيس أساقفة الموصل للسريان الكاثوليك المطران جرجس القس موسى تعليقا على مقتل ثلاثة من أفراد أسرة مسيحية على يد مسلحين ليلة أمس “إنه حدث لا سابق له، وهو يشكل سابقة خطيرة جدا لمجتمعنا، وما هذا العمل الجبان إلا فشل لكل الإجراءات التي وعدنا بأنها ستتخذ لأجل أمنناوفق تعبيره .
وفي تصريحات أدلى بها اليوم لخدمة الإعلام الديني التابعة لمجلس الأساقفة الايطاليين، في ختام مراسيم تشييع الضحايا في الموصل اليوم الأربعاء، أضاف المطران القس موسى “نحن ندرك أنه لا يمكن توفير حراسة لكل مسيحي، لكن ما حدث دليل قاطع على الفشل التام للأوضاع” حسب قوله .
وأشار رئيس أساقفة السريان إلى أنه “بهذا الصدد جددنا طلبنا للسلطات المحلية والمركزية لتعزيز القوات الأمنية، ونحن في انتظار إرسالهم مزيدا من القوات لتطويق منطقة وقوع الحادث ومحاولة إلقاء القبض على الجناة”، وختم بالقول إنه “في الساعات القليلة المقبلة سيصل الموصل وفدا من رئيس مجلس الوزراء لمناقشة الوضع” على حد تعبيره .
هذا وقد ذكرت مصادر إعلامية أن المغدورين هما والد وشقيقي الأب مازن إيشوع، كاهن كنيسة الطاهرة للسريان الكاثوليك في الموصل الذي كان قد اختطف قبل عامين وأفرج عنه بعد بضعة أيام من اختطافه” حسب قولها .
هذا وقد أعلنت مصادر أمنية محلية أن “مسلحين اقتحموا ليلة أمس منزل عائلة مسيحية في أحد أحياء الموصل، وقتلوا ثلاثة من أفرادها (الأب واثنين من الأبناء)، واغتصبوا اثنتين من نسائها”، وأضافت أن جوا من الخوف يسود الأسر المسيحية في المدينة، حيث الأطفال يخشون الذهاب إلى المدرسة، وأصبحت أوضاع المجتمع المسيحي ثقيلة للغاية، قبل أسبوعين فقط من الانتخابات” حسب قولها .

منتديات كرملش لك

[[========]]

أسقف عراقي:

ضرب كنيسة بغداد كارثة إنسانية تتطلب تدخلاً أممياً
 3 /11 /2010

أكد رئيس أساقفة الموصل للسريان الكاثوليك

المطران جرجس القس موسى

أن المسيحيين العراقيين يتملكهم شعور بأنهم يفتقرون إلى أي نوع من الحماية، وذلك إثر الهجوم على كنيسة سيدة النجاة ببغداد، طالبا تدخل الأمم المتحدة لحماية الجماعات الصغيرة.وفي تصريحات أدلى بها لإذاعة الفاتيكان عاد المطران القس موسى للشكوى مرة أخرى من ضعف الحماية اللازمة التي ينبغي على حكومة المالكي المنتهية ولايتها توفيرها للمسيحيين العراقيين، مشيرا إلى أن ما حدث سيتسبب في اثارة حالة من الذعر لديهم.
واضاف أن المسيحيين العراقيين يواصلون مد أيديهم لأجل الحوار والعمل المشترك، لكنهم يرون من السلطات الحكومية بشكل خاص غيابا لأجوبة مناسبة، ويشعرون بأنهم بدون حماية.
وأوضح رئيس أساقفة الموصل أن على السلطات الحكومية وضع سياسة شعارها السلام قبل كل شيء، مشددا على ضرورة تعديل القوانين بشكل يتيح للمسيحيين العراقيين التمتع بكل الحقوق التي يتمتع بها بقية المواطنون.
وخلص إلى القول: إن على السلطات ضمان أمن الكنائس والجماعات المسيحية عبر سن القوانين وتوفير قوى الشرطة لحمايتهم لكي يستعيد المسيحيون الثقة ببلادهم وبمستقبلهم، مؤكدا أن الكلمات المنمقة والخطب الجميلة أصبحت غير كافية.
وكانت مصادر كنسية قد أعلنت أن مجموعة مسلحة هاجمت المصلين والكهنة أثناء أدائهم قداسهم يوم الأحد الماضي بكنيسة سيدة النجاة في حي الكرادة ببغداد، وأن عملية الانقاذ التي نفذتها القوات الأمنية الحكومية بمشاركة قوات الاحتلال الأمريكية تسببت بمقتل أكثر من 40 شخصا وجرح أكثر من 30 آخرين.

[[========]]

أسقف عراقي: ضغط أوروبي على الحكومة لضمان حقوقنا

GirgisQassMoussa03--200x150

14/12/2010
الفاتيكان (14 كانون الأول/ديسمبر) وكالة (آكي) الايطالية للأنباء
قال رئيس أساقفة الموصل للسريان الكاثوليك المطران جرجس القس موسى “إننا نريد من أوروبا والغرب الضغط على الحكومة العراقية لكي تضمن حقوق المسيحيين والأقليات الدينية في البلاد”، جاء ذلك في تصريحات لخدمة الإعلام الديني التابعة لمجلس الأساقفة الايطاليين
المطران القس موسى المتواجد حاليا في ستراسبورغ برفقة وفد من الأساقفة العراقيين يشمل رئيس أساقفة بغداد للسريان المطران أثناسيوس متّي شابا متّوكه، ونائب بطريرك بابل على الكلدان المطران شليمون وردوني، حيث سيبقون حتى الغد لشرح موقف المسيحيين في البلاد أمام البرلمان الأوروبي، أوضح قائلا “نحن لا نريد الهرب وترك العراق، بل الاستمرار بالعيش هناك بسلام”، معربا عن الشكر لـ”جميع البلدان التي أبدت استعدادها لقبول المسيحيين العراقيين الفارين، ولكن هذا ليس حلاحسب قوله
ورأى رئيس أساقفة الموصل للسريان أنه “لا يمكننا قبول حالة العنف التي تمر بها البلاد”، مؤكدا أنه “لمساعدة المسيحيين في العراق من الضروري ضمان سلامتهم، وإمكانية ممارستهم طقوسهم الدينية بحرية والتردد على أماكن العبادة من دون خوف” على حد تعبيره

 وكالة آكي الايطالية

++++++++++

المطران جرجس القس موسى

 يرفض ما نشرته الزمان حول قره قوش ويعرب عن أستغرابه من تحويل مطالبهم الى نعرات دينية..

basiliosنفى المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى

راعي أبرشية الموصل وتوابعها للسريان الكاثوليك بشدة،

أن يكون المسيحيين في قره قوش مصدر تهديد لأحد من غير المسيحيين، معربا عن أستغرابه من جريدة ” الزمان ” التي نشرت قبل ايام خبرا عن مزاعم ” تهديدات تستهدف إخلاء قره قوش من غير المسيحيين ” بقلم الصحفي جرير محمد من الموصل.
وأضاف في تصريح خاص لـ ” عنكاوا كوم ” : لا يوجد أية تهديدات تجاه ساكني قره قوش من غير المسيحيين، وأننا مستغربون من تقديم الموضوع بهذا الشكل المثير في جريدة الزمان، لأنه يصدر ويمس قيمنا وسلوكنا وتاريخنا وتوجّهاتنا الحاضرة والمستقبلية، ونحن مكوّن أساسي من محافظة نينوى ووطننا العراقي“.
وقال “نرفض طرح الموضوع بهذا الشكل لأن القارئ سيصاب بالإثارة، ونحن نؤكّد بأنه ليس هناك أية تهديدات، ويكفينا ما تحمّلنا من مآسي ويبقى الهدف من إثارة قصّة جديدة لا جذر لها ولا أصل تبرير قضايا أخرى“.
وأوضح بأن هناك العشرات من العوائل غير المسيحية الساكنة في قره قوش منذ سنوات، ” كنا وما زلنا نتعامل  معها بشكل أخوي، ومن أراد الإختبار والتأكّد فليأتي فبيوتنا مفتوحة له وكذلك قلوبنا“.
وحول محاولات التغير الديمغرافي في قره قوش قال: ” لقد رفضنا التغيير الديموغرافي لأننا سنصبح خلال سنوات أقلية في مناطقنا، فقد قام النظام السابق بتوزيع 3000 قطعة سكنية في قره قوش وحوالي 98% منها وزّعت لغرباء عن المنطقة ومن مناطق أخرى من العراق، أما النظام الحالي فقد أطفأ 4000 قطعة سكنية للتوزيع وإسكان الغرباء فيها من غير أبناء المنطقة من الموظفّين ومنتسبي الأجهزة الحكومية. علما أن بيوت قره قوش لا تتجاوز 5000 بيت، فإذا تمّ توزيع هذه الأراضي فبالتأكيد سنصبح فعلاً غرباء عن ديارنا فضلاً عن التأثيرات الإجتماعية والثقافية وإضمحلال خصوصية المنطقة“.
وتطرّق سيادته إلى موضوع أراضي قره قوش التي جاهد أجدادنا في سبيلها عشرات السنين في قضية بدأت في إسطنبول وإنتهت بحصول أهالي المنطقة على أراضيهم.
وعن إضفاء الصبغة الدينية لهذا الموضوع من قبل جريدة ” الزمان ” قال سيادته: ” نرفض من يقدّم هذا الموضوع بشكل طائفي أو ديني بين مسيحيين وغير مسيحيين، ومن يحاول إضفاء هذه الصبغة فهو بالتأكيد يحاول زرع الفتنة والبلبلة، وهذا مرفوض من قبلنا، وتاريخ قره قوش يشهد بجوار طيب مع القرى المجاورة و90% من التربويين الموظفين في هذه القرى هم من أبناء قره قوش“.

ويتسائل سيادته “لماذا التركيز على التغيير الديموغرافي في قره قوش من خلال إسكان مواطنين من غير المنطقة فيها، ورغم أن لكل مواطن عراقي العيش حيثما شاء، وإنما رفضنا يأتي من الصيغة المبرمجة والجماعية بتوزيع الأراضي بصيغة رسمية أوشبه رسمية

عنكاوا كوم/ بغديدا /خاص

++++++++++

عن اختطاف راعي كنيسة السريان الكاثوليك في الموصل المطران باسيليوس جرجس القس موسى

2005

basilios 

آخر الجرائم التي ترتكبها حثالة الشرق الأوسط هي اختطاف راعي الكنيسة السريانية الكاثوليكية في الموصل المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى.

هل بإمكان هذه الحثالة أن تعلن عن نفسها؟ هل بإمكان هذه الحثالة الكشف عن هويتها إذا كانت هي من خضّب الأيدي بدماء الرعاة والرعية من المسيحيين المشرقيين في عدة أمكنة وأزمنة، بأي ربّيؤمنون وبأي دين يدينون؟

إن التنظيم الآرامي الديقراطي يناشد رؤساء الطوائف جميعها في العراق وفي العالم للتدخّل من أجل إعادة المطران الى رعيته، ومن أجل تطهير مهد الحضارة المشرقية من أقذر المجرمين في العصر الحديث.

إن التنظيم إذ يستنكر بشدة هذه الجريمة ضد رموزنا ومقدساتنا وهي في الوقت نفسه ضد مقدسات بلاد الرافدين، يذكـّر المجرمين والمراجع التي تأويهم أن لا مفرّ لهم من العقاب، لا اليوم ولا في الآخرة، إن كانوا يؤمنون بآخرة.

إن هؤلاء المجرمين يعرفون حق العلم أن عملهم هذا ينتظر عقابا قاسيا، فإن كانوا ينتقمون من العقاب قبل وقوعه من خلال الإمعان في جرمهم، فلن يكون العقاب أرحم.

نذكّر المجرمين في رسالتنا هذه أن الإدارة الأمريكية التي يحاولون التأثير عليها لا تتوجّع من اختطاف من يختطفون بقدر ما يتوجّع الشخص المعاني والشعب الذي يعايش الجريمة، فهم من يعاني وهم من سيحاسِب عندما تدق الساعة.

نذكّر المجرمين أيضا أن المطران رجل كنيسة وصلاة وسلام واختطافه ليس من المراجل ولا البطولات، بل هو قمة الجريمة و الجبانة. فالمطران ليس بمقاتل ولا يحمل السلاح، تماما مثل معلّمه المسيح.

وهو ونحن نعلم أن المسيح انتصر على أعدائه ولكن ليس بسلاح القتال. هل هذا ما يخيفهم؟

لقد اعتاد آباؤنا على الجرائم المماثلة طوال تاريخنا المسيحي في الشرق، و كان دوما وراءها التيار نفسه، فلا العدو جديد ولا الأسلوب.

و نحن نقول لهؤلاء المجرمين ولأسيادهم من ورائهم أن أسلوب الشوفينية هو الذي يمنع التعايش الكريم والتعددية و هو الذي اضطر دولة إسرائيل للوجود، و هو سيضطر وجود دول أخرى في المنطقة، دولة لكل شعب يشعر بالمستقبل المهدد كأفراد وكجماعات.

هذه هي الحجّـة الدامغة على حاجة شعبنا للكيان الذاتي المستقلّ، حيث يمكن أن نعيش بأمان، و هو الردّ على كل الإدّعاءات الشاعرية الفارغة المنادية بإمكانية التعايش الذي اختبرنا عقمه بمرارة طوال أجيال و أجيال.

إننا نشكر قلبيا كل الجهود المبذولة لإيجاد إمكانية التعايش بين المجموعات الحضارية، و لكن لا ضمانة و لا مستقبل لشعوبنا بدون كيان مستقل يؤمن حدا أدنى من الإستقرار.

و على هؤلاء المجرمين أن يتذكروا أن شعب الكنيسة التي ينتمي إليها رعاتنا القديسون ليس مؤلفا فقط من قدّيسين.

فمن أهداف التنظيم الآرامي الديمقراطي العمل على كل الأصعدة القومية على إحقاق الحقوق القومية لشعبنا الآرامي المسيحي في كل مكان في الشرق الأوسط.

و ليعلم هؤلاء المجرمون و أسيادهم أنه اقتربت نهاية الزمن الذي اعتادوا فيه على العبث بأرض الأجداد و بمصير شعوبنا المسيحية المشرقية.

فنحن و هم يعلمون أن العالم الآن أذكى من أن يستمع لأكاذيبهم و أقوى من أن يرضخ لجرائمهم.

كلامنا الأخير لهم: ليعتذروا من المطران و ليعيدوه الى رعيته، فوراً!

التنظيم الآرامي الديمقراطي

++++++++++

المحور الاول

طروحات التقسيم للمنطقة المشرقية ، معاهدة سايكس بيكو

حوار مع المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى

اجراس المشرق

++++++++++

حوار مع المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى

   رئيس أساقفة الموصل سابقاً ومعاوناً بطريركيا للسريان الكاثوليك

اجراس المشرق – 21/4/2013
bafa6c3f-f5a6-4131-8627-d0201a47d6b5المحور الثاني

اللغة السريانية اليوم ،ما وضعها؟ هل من الممكن المحافظة عليها؟

++++++++++

المحور الثالث

وضع السريان في العراق، الهجرة والتهجير، ومقوّمات الصمود

حوار مع المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى

اجراس المشرق

++++++++++

حوار مع المطران جرجس القس موسى2 /2013

حوار مع المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى

   رئيس أساقفة الموصل سابقاً ومعاوناً بطريركيا للسريان الكاثوليك

اجراس المشرق – المحور الثاني

اللغة السريانية اليوم ،ما وضعها؟ هل من الممكن المحافظة عليها؟

2013-04-21

33303420-ecd1-41ba-8ac5-3eb293fb002bالمحاور:أهلا بكم من جديد.

سيادة المطران جرجس، هذه اللغة السريانية الوريث الشرعي للآرامية لغة السيد المسيح. مَن يحافظ عليها الآن؟ كيف يحافظون عليها؟

المطران قس موسى: في العراق 90 بالمئة من المسيحيين يتكلمون السريانية بلهجاتها الدارجة في قرانا المسيحية وحتى العائلات المسيحية التي هاجرت إلى بغداد والموصل تتكلم السريانية. والذين يتكلمون العربية أيضا، اللغة الليتورجية الطقسية تبقى السريانية. إذاً، أول عنصر للمحافظة هو المداولة. ثم في الآونة الأخيرة، حقيقةً، حصل نوع من الحملة الواسعة لتدريس السريانية في المدارس، في بعض المدارس المسيحية التي أكثريتها مسيحيون. لدينا نوعان من المدارس: مدارس بكاملها تدرّس المواد باللغة السريانية، وهذا أمر جديد. ومدارس تدرّس اللغة. لدينا منذ السبعينيات في العراق مجمع علمي للّغة السريانية.

المحاور:مثل مجمع اللغة العربية.

المطران قس موسى: مثل مجمع اللغة العربية. ولكن بعد عدة سنوات، في السنوات الأخيرة للنظام السابق، أصبح مجمع اللغة السريانية قسما من المجمع العراقي. مع ذلك هناك أيضا مؤتمرات من عدة سنوات تقام في العراق ويأتي خبراء أو متداولون للّغة السريانية.

المحاور: لغويون.

المطران قس موسى: لغويون من عدة أماكن: من العراق، من سورية، من إيران، من تركيا، أو بالأحرى نقول من جنوب تركيا، ويشتركون في هذه المؤتمرات لإيجاد مفردات جديدة ولتوحيد اللغة. نستطيع أن نقول إن هذه الجهود غير كافية. هناك أيضا جزء من بعض الصحف يصدر جزء منها باللغة السريانية. ولدينا قناة عشتار وقناة أشور، قسم من أخبارهما ومن برامجهما باللغة السريانية. هذه أمور جديدة. المحاور: مع هذه الهجرات؛ السريان الآن في السويد، في أوروبا، في أميركا، في أستراليا، وأيضا الأشوريون والكلدان الذين يتكلمون السريانية لأنهم من جذر واحد. ألا تتخوّفون من أن تصبح هذه اللغة مجرّد لغة، كما قلت قبل قليل، لغة طقسية أو لغة لاهوت؟

المطران قس موسى: قلت أولا إن اللغة متداولة، فإذاً ليست فقط طقسية. اللغة الطقسية هي اللغة الأدبية. لكن اللهجات المحكيّة متداولة فتبقى فعلا على الجهود المبذولة، ويلزم أن تتضاعف هذه الجهود لجعل هذه اللغة حيّة؛ إذاً بتطعيمها بمفردات جديدة، برفد اللهجات المحكية بكلمات سريانية حقيقية وليست مقتبسة من اللغة العربية أو اللغة الإنجليزية أو اللغة الكردية. المحاور: أي إعادة سَرْيَنة السريانية.

المطران قس موسى: نعم. أنا كنت أقول دائما عندما كنا في العراق إننا محتاجون قبل التوحيد السياسي إلى التوحيد الثقافي. محتاجون إلى مهرجانات ثقافية لغوية، محتاجون إلى أمسيات شعرية، محتاجون إلى مسرحيات باللغة السريانية، محتاجون إلى تبادل زيارات وسفرات سياحية بين منطقة ومنطقة حتى تتعرف إلى بعضها البعض.

المحاور: من دون أن يضر هذا باللغة العربية المتداولة.

المطران قس موسى: اللغة العربية هي لغة العلم حاليا وهي لغة الثقافة. من دون أن يُنتقَص من اللغة العربية، أنا لغتي الأم هي السريانية. وتعلّمت اللغة العربية وأنا طفل. أنا معك أنه إلى الستّينيات اللغة السريانية المحكية كانت حقيقةً في دائرة الانقراض. ثم بدأت نهضة، ونحن في بداية النهضة. فنحن نريد أن يستمر شعبنا في التحدّث بلغته، ولكن ألّا يتنكّر للّغة العربية أو للّغات الأجنبية.

المحاور: الآن جزء من شعبكم موجود في المغتربات. وأنت تعلم أنه جيل بعد جيل تخفّ هذه العلاقة مع الجذور. هل هناك خطط لضخّ السريانية وتعليمها حيث ذهبوا؟

المطران قس موسى: كخطط في الخارج في بلاد الانتشار لم أطّلع إلا المحافظة عليها في البيوت، في العائلة. طبيعي أن الأجيال هذه، حتى اللغة العربية تُفقد. شئنا أو أبينا، إذا لم تكن هناك مدارس وإذا لم تكن هناك صحافة وإذا لم تكن هناك إذاعة وتلفزيونات، ستنقرض حتى اللغة العربية. أنا اكتشفت مثلا في أميركا، الجاليات القديمة تعرف لغتين: السريانية والإنجليزية. فقدت الحاجة إلى اللغة العربية. أفهمها، هي في بلد يتكلم الإنجليزية.

المحاور:هذه اللغة التي كانت لغة أدب وعلم وثقافة، لغة شعر، شعراء.. هل الآن يوجد شعراء وكتّاب ومسرحيون يكتبون بالسريانية؟

المطران قس موسى: منذ نحو 20 سنة، ومنذ العشر سنوات الأخيرة، الحقيقة أن ثمة نهضة، هناك شعراء يكتبون باللغة السريانية سواء الفصحى أي الأدبية أو اللهجة المحكية. طبعا لدينا لهجات محكية. لكن، نستطيع أن نقول، أقربها إلى اللغة الأدبية. فيوجد شعراء ويوجد كتّاب. وقلت إن هناك مجلات كثيرة أصبحت تكتب مقالات باللغة السريانية. وثمة جهود كبيرة تُبذل. بُذلت الجهود الأولى من منطقة جنوب تركيا وفي سورية عند إخوتنا السريان الأورثوذكس.

المحاور: أي في ماردين.

المطران قس موسى: طبعا بعد مرحلة ماردين.

المحاور:في الأديرة.

المطران قس موسى: الذين هاجروا إلى سورية.

المحاور: الذين هاجروا إلى سورية.

المطران قس موسى: القامشلي ثم السويد. القوانين الأولى التي صدرت لصالح إحياء اللغة السريانية هي في العراق. على الرغم من كل عللنا، حتى في العهد السابق، أعطيت حقوق ثقافية للسريان من السبعينيات. فعلينا أن نحافظ ونستغل ونستثمر هذه الأوضاع الثقافية القانونية ثم كيفية إعطائها لأجيالنا الجديدة؛ لأن لدينا صراعات أخرى ربما تمنعنا من إحياء اللغة السريانية بكاملها.

المحاور:بالنسبة للغناء، للموسيقى السريانية العظيمة، أنتم ككنيسة ماذا تقدّمون لإعادة إحياء هذا التراث الموسيقي الذي يذهب موغلا حتى سومر؟

المحاور: يوحنا إبراهيم.

المطران قس موسى: إبراهيم. أمر جيّد. لدينا دائرة اللغة السريانية في إقليم كردستان، تشجّع طباعة كتب سريانية أو مترجمة. ثم لاحقا كل مؤلف أو مترجم يحاول أن يجد دار نشر تطبع له.

المحاور: شكرا. أعزائي، نبقى في دائرة السريان، ونتوقف مع وثائقي قصير عن مار أفرام السرياني كنّارة الروح القدس،

 هذا الحوار مع المعاون البطريركي لبطريركية السريان الكاثوليك في لبنان المطران جرجس قس موسى،

وُلد مار أفرام السرياني نحو سنة 306 في مدينة نصيبين. وتلمذ لأسقفها يعقوب الذي رسمه شمّاسا وعهد إليه بالتعليم الديني في مدرسة نصيبين، فلُقّب بالشارح والمربّي، وظل فيها يعدّ الموعوظين للعماد.

سقطت المدينة عام 363 بيد شابور الثاني ملك الفرس، فانتقل مار أفرام مع الكثيرين إلى الرها التي كانت تحت سيطرة الرومان. فأسّس مدرسة الرها الشهيرة وجوقة ترتيل من الفتيات العذارى لخدمة الطقوس وتأدية التراتيل التي يكتبها. ولا يزال الكثير منها يرتَّل في الكنائس الناطقة بالسريانية.

قام مع تلاميذه بإغاثة أهالي المدينة عند حلول المجاعة والطاعون بين عامي 372 وـ373 للميلاد.

امتازت كتاباته بأسلوب أدبي ولغوي بسيط ومباشر. وترك مؤلفات كثيرة باللغة السريانية الصافية نالت شهرة واسعة. والقسم المنثور منها تفاسير لأسفار الكتاب المقدّس. أمّا المنظومة فهي الميامر وتتألف من مواعظ شعرية على بحر واحد تتناول العقيدة والأخلاق المسيحية، والمداريش وهي ترانيم على أوزان الشعر المختلفة وملحّنة كموشّحات روحية عن موضوعات كتابية وإيمانية وأخلاقية تُنشِدها جوقة الكنيسة.

اشتهر واعظا ولاهوتيا. تناول وحدانية الله والثالوث الأقدس والسيد المسيح والعذراء مريم والكنيسة وأسرارها.

توفي بعد مرض ألمّ به إثر التعب والسهر جرّاء الخدمة في عام المجاعة والطاعون عام 373 للميلاد. وأعلنه البابا

بنيديكتوس الخامس عشر عام 1920 ملفان الكنيسة الجامعة

الى المحور الثالث

المجلات والراعي

المجلات والراعي

الخاصة بسيادة المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى

سلسلة الفكر المسيحي

له مقالات منشورة في سلسلة الفكر المسيحي

(9 مقالات)

سلسلة الفكر المسيحي العدد الاولسلسلة الفكر المسيحي

***    

مجلة الفكر المسيحي

شغل منصب رئيس تحرير مجلة الفكر المسيحي للفترة من

(تشرين الثاني 1972 –  كانون الاول 1976)

له مقالات منشورة في مجلة الفكر المسيحي

(41 افتتاحية)

(75 مقال )

( 31 ملف)

 (17 مقابلة ولقاء)

افتتاحيات الفكر المسيحي
افتتاحيات الفكر المسيحي

***    

مجلة شراع السريان 

صاحب الامتياز لمجلة شراع السريان

له مقالات عديدة منشورة

منها مقال: (ما ينتظره اسقف من مؤتمر الكهنة)

العدد14 نيسان 2010

مجلة الشراع
مجلة شراع السريان
ص1 من الكاهن ما ينتظرة
ص1 من الكاهن ما ينتظرة الاسقف
ص2 من الكاهنما ينتظره
ص2 من الكاهن ما ينتظره الاسقف

***

مجلة العائلة

لديه عدة مقالات منشورة

منها مقال: السلام السلام للبعيدين والقريبين

(كلمة الراعي في افتتاح البث المنتظم لاذاعة صوت السلام)

العدد 36 تموز2008

مجلة العائلة كلمة الراعي حول اطلاق البث المنتظم لاذاعة صوت السلام
مجلة العائلة كلمة الراعي حول اطلاق البث المنتظم لاذاعة صوت السلام
كلمة الراعي في البث المنتظم
كلمة الراعي في البث المنتظم

***

مجلة النواطير للحراسات

صورة سيادة الراعي مع طفلة خديدية

الراعي مع طفلة خديدية اثناء استقبال المهنئين -  مجلة نواطير
الراعي مع طفلة خديدية اثناء استقبال المهنئين – مجلة نواطير

***

المجلة الليتورجية

صاحب الامتياز للمجلة الليتورجية

المجلة الليتورجية
المجلة الليتورجية

تقديم   (للعدد الأول من مجلة المجلة الليتورجية) 

الحياة الليتورجية 

إن الليتورجيا لا تعني فقط الطقوس الكنسية كرتب دينية فحسب، تقام في هذه المناسبة أو تلك. الليتورجيا هي التعبير عن أوجه من حياة الأيمان لدى الجماعة المؤمنة عبر طقوس احتفالية ورمزية، وتتكون من ثلاثة عناصر متمازجة ومتماسكة هي الكلمة والحركة والرمز الذي يشير الى المعنى المضمون. وإذ نقول “احتفالا” ، فإننا نشير في الفعل ذاته الى أن الليتورجيا عمل جماعي ومشترك، وليس فعلا فرديا، أو مشهدا نتفرج عليه من بعيد. كما إننا حين نقول بأن العمل الليتورجي ” تعبير” عن أوجه من إيمان الجماعة، فإننا نؤكد على شيئين: الأول أن الاحتفال الليتورجي هو عيش مكثّف ورمزي لحياة الأيمان، في الزمان والمكان؛ وبأن حياة الأيمان لدى الجماعة لا تتوقف عند أبواب الكنيسة، بل تنطلق منها لتعانق الحياة كلها، فتصبح الليتورجيا، من ثم، فعلا تعبويا للحياة، وطاقة بشرى.

هذا ما انتبه إليه فريق من الشباب العلمانيين الملتزمين في خورنة قره قوش.. ولما رأوا أن جوانب كثيرة من الليتورجيات والطقوس غير مفهومة، ورموزها خفية، حتى لتبدو طلاسم وألغازا مبهمة، وأن المؤمنين يحضرونها كمتفرجين، ولا دور لهم فيها سوى الصمت.. أرادوها حية وحيوية تخاطبهم اليوم.. سيما وقد أكتشف البعض منهم غنى الكلمات وثراء المعاني وقوة الرموز في الإيحاء والتحريك.. كما إنهم اكتشفوا أن الأفعال الليتورجية المحتفل بها في الكنيسة ليست أفعالا منفصلة، لا عن الحياة، ولا عن بعضها، بل هي شريط متصل ومتواصل على مدى السنة. وقد قسمت هذه على “أزمنة ليتورجية” تحتفل وتستذكر مراحل حياة الرب، فتصبح حياة المؤمنين محطات تندمج وتتوحد مع محطات حياة المخلص.. في حركة صعود تدريجي من البشارة وحتى القيامة.. ومن زمن المجيء، أي مجيء الرب، إلى زمن الصوم، فالآلام، فالقيامة، فحلول الروح، فالصليب الممجد، فالكنيسة حاملة البشرى.

وابتسمت لهؤلاء فكرة إصدار مجلة فصلية تعنى بالشؤون الليتورجية لتقريبها من فهم المؤمنين وتقديمها كمادة للتأمل، وغذاء للأيمان، وتعبئة للانتماء الفاعل في الكنيسة. هدف روحي وراعوي ومعرفي.

هم ليسوا علماء، ولكنهم يلتجئون الى العارفين ليستنيروا بهم وينيروا ويشرحوا. هم ليسوا واعظين، ولكن الكلمة تزحمهم لأن يشاركوا إخوتهم خبراتهم وما توحي إليهم هذه الليتورجيا في كلماتها وروحانيتها وعمق ألحانها وموسيقاها وقصائدها المرتلة. هم لا يتقدمون كمصلحين، ولكنهم يتمنون أن تنتعش الليتورجيا وتشترك في إحيائها الجماعة المصلية كلها، فيكون للشعب دوره، وللشمامسة دورهم، وللجوقة دورها، وللكاهن دوره الأساسي، وللموسيقى دورها، وللصمت دوره أيضا.

فإذ نبارك هذه الخطوة الرائدة، نعبر عن فرحنا أن تأتي من علمانيين تسندهم خبرة جماعة رهبانية فتية في أبرشيتنا، وتدعم جدية أهدافها مساهمات اختصاصيين ورعاة ونصوص من آبائنا السريان. 

  

14/9/2008

              + باسيليوس جرجس القس موسى 

          رئيس أساقفة الموصل وتوابعها للسريان الكاثوليك

———

الكلي المنجز المنشور من المقالات في سلسلة ومجلة الفكر المسيحي

الكلي المنجز من الكلمات والمواعظ والمناسبات

احصائية المناسبات فقط لغاية 2008

ت

الموضوع

السنة

عدد المقالات

عدد الصفحات

1

سلسلة الفكر المسيحي

1964  – 1970

9

84

2

مقالات الفكر المسيحي

1971  – 1994

75

407

3

ملفات الفكر المسيحي

1971  – 1994

31

201

4

المقابلات واللقاءات

1971  – 1994

17

90

مجموع

 

30 سنة

132

782

5

مواعظ المناسبات

1999 – 2008

39

106

6

كلمات المناسبات

1999 – 2008

39

80

7

المؤتمرات الخارجية

1999 – 2008

28

55

8

الدورات والندوات

1999– 2008

30

150

مجموع

 

9 سنة

136

285

9

المناسبات في الموصل

1999 – 2008

71

26

10

المناسبات في قرةقوش

1999 – 2008

152

55

11

المناسبات باقي الأبرشية

1999 – 2008

46

20

12

المناسبات في الأبرشية

1999 – 2008

269

106

مجموع

 

9 سنة

538

207

المجموع الكلي

 

 

 

806

1274

 

 

 

مقال

صفحة

المجلات والراعي